BACK | ONESHOT

rctsj6m

تشانيول لا يريد الإعتراف بأنَّه قد تأخر جدَّا على إنقاذ حياته مع من يحب, لكن بعد أن قضى ذكرى زواجه الخامسة باكيا على شخص لن يعود إليه, أيقن بأن بيكهيون قد تعب من إنتظار زوج بارد غير مهتم لأن يصبح الشريك الذي وعد بأن يكون,

تشانيول دخل من أجل النقود, بيكهيون أدخل قلبه معه.

_______________________________________

الونشوت طويل جدا ~

الكوبلــ تشانيول,بيكهيونكاي, بيكهيون
ونشوت من 20,000
الكاتبة لحفظ الحقوق (Viyeolent)
المترجمة (NoOSBB)
النوعــ رومانس, قلق

_________________________________

Forward

“إلى أين تظن نفسك ذاهبا ؟!” زمجر والده من مكانه, تشانيول لم يكن بحاجة لأن يستدير حتى يرى التعبيسة المنتشرة على وجهه, فهي موجودة هناك منذ ولادته, و العقدة المتكوِّنة بين حاجبيه كانت الشيء الوحيد الذي لوَّث وجه الوالد ليجعله يبدو في سنٍّ أكبر مما هو عليه,

الكثير من الناس أخبروه بأنَّهما متشابهين, تشانيول نسخة شابَّة من والده, و لطالما شعر بالفخر على هذا التشبيه, لأن والده كان مثاله الأعلى, و لم يملك أحدا غيره ليطمح بالإرتقاء إليه يوما,
إعتاد على أن يرى صورته في فخر والده به, لكن ليس بعد الآن.

“أيُّها الطفل العاق.“
أوقف تشانيول خطواته بأكتاف مشدودة من التعليق الجارح و إستدار لكي يواجه والده, تاركا غضبه يسيطر عليه و لأوَّل مرَّة في حظرة والده.
حدَّق بعيني والده التي أهلكها الزمن بنظرات تملأها نيران الغضب,
الرجل بدى مرتَّبا في مكانه, علامات الرقيِّ تحيط بهالته ريثما يجلس هناك على الكرسيِّ أمام مكتبه, عقدة حاجبيه تزداد عمقاً حين حدَّق بإبنه بغيض شديد
“كيف تتجرأ على التحديق بوالدك بهذه الطريقة ؟؟ و من أجل ماذا ؟ شخص قذر من العامَّة ؟“

“لا تتجرأ و تتحدَّث عن بيكهيون بهذه الطريقة“

“أنا لم أقم بتربية إبني لكي يصبح رجلا أحمق“

“و مالمشكلة في الوقوع بحبِّ زوجي ؟؟” سأل والده بصوته الثابت و العميق,
فاليشفقوا عليه لوقوعه في حبِّ رجل فقير, لكنَّه لن يسمح لهم بالسخرية من بيكهيون بعد الآن, لا حقَّ لهم بإستصغار رجل أعطى كلَّ ما يملك إلى شخص يملك كلَّ شيء,
بيكهيون لم يملك الكثير ليتخلَّى عنه, لكنَّه أحبَّ تشانيول بطريقةٍ لم يستحققها وريث بارك الأخرق أبدا
“مالمشكلة في رغبتي بإعادته إلى المنزل ؟؟“

كان يجب عليه أن يعود إلى منزله متى ما إنتهى من عمله, كان يجب عليه تناول الطعام الموضوع على الطاولة بعناية متى ما عاد إليه في أوقات متأخرة من الليل, كان يجب عليه أن يشكره في كلِّ مرَّة قام بها بترتيب ثيابه أو رفع الغطاء لتغطيته بغطاء دافئ في كلِّ مرَّة سقط غارقا في النوم على مكتبه, ما كان يجب عليه تجاهل المكالمات القلقة من بيكهيون و ما كان يجب عليه فتح الخط عندما تكون هناك إمرأة أخرى بين ذراعيه, تهمس في أذنه عبارات قذرة فقط ليجعل من شريكه يستمع لها متعمِّدا, ما كان يجب عليه الصراخ عليه عندما أضاع أحد الملفات المهمَّة في العمل, ليجده فيما بعد في قعر مجموعة الملفات في مكتبه عندما أخذها على إستعجال يومها,

تشانيول تصرَّف بأنانية شديدة, عندما قام بخلع الخاتم الذهبي من إصبعه في كلِّ مرَّة خرج بها برفقة ورثة شركتي كيم و أوه, من أجل لحظات قليلة إدَّعى كونها ساعات حرِّيته, تشانيول لم يطلب شيئا من بيكهيون أبدا, حتى بعد أن جفَّ الحبر على الورق الذي أعلنهما شريكين, و إنتبه الآن على الخطأ فيما فعله, الخطأ في تجاهل وجود الآخر في حياته نهائيا, و إعتباره كشخص غير مرئي, مجرَّد هواء عابر يجول في بيته.
في الأشهر الأولى بعد عقد الزواج, تشانيول غادر المنزل و لم يعد إليه أبدا, دون أن يفكِّر بوجود شخص ينتظره هناك بقلق,
لم يسأله عن أحواله يوما, و لم يتسائل أبدا عن الوحدة التي من الممكن أن يشعر بها في كلِّ مرَّة ينام بها وحيدا على سرير كبير مصنوع لشخصين.

والده قدَّم بيكهيون كجائزة له, لا شيء سوى فتى فقير مستعِّد لأن يتحطَّم و يُجرح من أجل تسليته, مصدر إلهاء رخيص لتشانيول المراهق,
كم سيكون الأمر جميلا, أن يقع وريث أحد الشركات العظمى في حبِّ الفتى الفقير الذي تبنَّته عائلتهم,
الإعلام رحَّب بهذه القصَّة المصطنعة على أنَّها قصَّة خيالية أخرى من قصص الأطفال, نسخة حديثة من سيندريلا,  و هذا عنى المزيد من الأرباح و الشهرة لصالح الشركة.

و طوال هذه المدَّة, تشانيول ظنَّ أن بيكهيون يفعل ما أُمر بفعله فقط, و هو أن يقدِّس الأرض التي يمشي عليها الأطول لأنَّه ببساطه, لن يساوي قرشا بدونه. بيكهيون لم يكن بمستوى تشانيول, و لن يستحقَّ البقاء برفقة تشانيول.
و لوقت طويل جدَّا, الأطول عاش مصدِّقا هذه الكلمات.
و الآن أصبح مقتنعا بها أكثر, لأن هذا صحيح, بيكهيون لم يستحقَّ البقاء معه أبدا, بل إستحقًّ البقاء مع شخص أفضل, شخص جيِّد بما فيه الكفاية لأَّلا يهمله فقط من أجل الحصول على بعض كلمات المديح من والده.

“أنا أحبَّه, أحبُّ بيون بيكهيون“
الكلمات خرجت من شفتيه بطبيعيَّة مطلقة, و كأنه قالها مئات المرّات من قبل, كان يجب عليه أن يخبره بهذه الكلمات مساء أمس, عندما حجز جناحا كاملا في مطعم راقٍ فقط من أجله, لكنَّ كلَّ خططه تحطَّمت عندما عاد سائقه بسيَّارة فارغه ليخبره بأنَّ بيكهيون مفقود و لم يعد له أثر,

قلبه يؤلمه بشدَّة, لأنَّه على الرغم من كون ما قاله حقيقيَّا, انَّ حبَّه لبيكهيون حقيقيِّ, إلَّا أنَّ هذه هي المرَّة الأولى التي يقولها بصوت عالٍ طوال فترة الخمس سنوات من زواجهما,

كم كان عدد الليالي التي قضاها بيكهيون وحيدا ؟؟ كم هو عدد المرات التي إعترف بحبِّه للأطول ؟؟, و في كلِّ مرَّة يستمع بها إلى كلمات الأقصر سيضحك بسخرية, و لن يجيبه عليها أبدا, ما لم يكن تحت أضواء الكاميرات و الإعلام .
كم كانت هذه السنوات مؤلمة بالنسبة لبيكهيون, عندما هو نفسه يشعر بهذا الألم  فقط لأنَّه قالها هذه المرَّة دون أن يكون الآخر موجودا بالقرب منه ليستمع,

“أصبحت معتادا على الحصول على كلِّما تريد, أن يستمع إليك الجميع و يطيع أوامرك كلَّما تطلب أمرا أو تتكلَّم. لطالما كنت فتى مدلَّلا. و هذا هو بالضبط ما فعله معك, لقد أعطاك كامل نفسه كما سيفعل أيُّ شخص تحت إمرتك. أنت لا تحبُّه, بل فقط تريد خدماته” أجابه والده بثقة معتادة, و كأنَّه الشخص الوحيد الذي يعرف كلَّ شيء “توقف عن هرائك هذا, سأقوم بإلغاء عقد زواجك, و سأتحققَّ من إيجاد شخص آخر يليق بك و مركزك الإجتماعي“

فقط هكذا, هاه ؟؟ خمس سنوات من العيش في ما عرف تشانيول كونه حبَّا الآن فقط, سيتمُّ إنهاءه بواسطة كلمة واحدة موجَّهة من والده السطحي نحو محام متلهِّف للمال. ربَّما الأوراق كانت مجهَّزة منذ بداية المسرحية, ربَّما تكون قابعة الآن داخل إحدى أدراج مكتبه, تنتظر اللحظة المناسبة التي سينتهي بها إهتمام الإعلام بهذه الحكاية المفبركة, ليجعل منها نهاية حزينة لقصَّة حبِّ لم تكن حقيقية منذ البدايه.
ربَّما والده خطَّط لإنهاء كلِّ شيء منذ البداية, حتى لو لم يهرب بيكهيون منه.

عندما تمَّ إجبار تشانيول على المشاركة في هذه المسرحية, بيكهيون لم يتظاهر مطلقا, بل أحبَّه بصدق و هذه المرَّة, تشانيول يخطط لإعادة ما قد أعطي إليه مسبقا, سيردُّ إليه الحب الذي أعطاه.

“بارك تشانيول! ” ناداه والده محذِّرا لمرَّة أخيرة, بنبرة تتحداه على الخروج من هذه الغرفة عبر الأبواب الخشبية المصبوغة بعناية.

بدل أن يستمع لتهديد والده, تماما كما كانت ستفعل نسخته القديمة الأنانية, تشانيول هزَّ رأسه بعدم إقتناع ليتحرَّك مغادرا الغرفة دون أن ينطق بأيَّة كلمة,
ما من شخص آخر يليق به, لأنَّه سبق و أن عرف الأفضل, تشانيول يعرف بأنَّ فقط بيكهيون من سينتمي إليه, هو فقط.

تشانيول سيجد زوجه, و هذه المرَّه, حتى لو قام الأقصر بإبعاده, فهو من سيلحق به حتى أن يعود إليه, إلى أحظانه حيث ينتمي.
تشانيول لن يترك بيكهيون ليهرب منه مجدَّدا أبدا, لأنَّه ينتمي هنا, بجانبه, و بين ذراعيه, و هو مستعدٌّ لأن يقاتل من أجل الحصول عليه, سيواجه والده من أجل إبقاء من يحب بجانبه إن تطلَّب الأمر فعل ذلك.

.

.

.

.

.

_________________________________

كانت هناك بعض الأوقات التي ظن بها بيكهيون بأنَّه محطَّم. عندما كان في العاشرة من عمره, لم يعرف الكثير عن الحب أو العائلة.
لم يملك أيَّة حكايات أو مواقف يتكلَّم بها عن عائلته, لأنَّه لم يملك سوى أخٍ أكبر و أمٍّ واحدة.
بيكهيون كان واثقا من إمتلاكه أبا, يجب أن يملك أبا لكي يولد إلى هذه الحياة, هذا ما تعلَّمه من كتاب الأحياء في المدرسة, لكن عائلته دائما ما تكوَّنت من ثلاثتهم فقط.

في بعض الأحيان أتى شقيقه ليحظره من المدرسة, و في أحيان أخرى تأتي والدته, و في كلِّ مرَّة أتت بها من أجله, كانت تمسك بيده الصغيرة بقوَّة حتى لا تفلت,

بيكهيون لم يحبَّ هذا, جميع رفاقه في الصفِّ إمتلكوا شخصين ليُمسكوا بكلتا يديهم, أما هو فإمتلك شخصا واحدا يمسك بإحدى يديه فقط, والدته أو شقيقه, هذا جعله يشعر بالإختلاف, و كأن هناك مشكلة به
لكنّ كلُّ هذا لم يجعله محطَّما أبدا.
لم يكن هناك أيَّه مشكلة به, بل كان يشعر بالغيرة من رفاقه فحسب.

أوقف تساؤلاته عن مكان والده عندما أصبح في الثانية عشر من العمر, لأنَّه لم يعد يريد سماع والدته تبكي ليلا في غرفتها وحيدة, هذا حدث كثيرا.
بيكهيون بكى أيضا, لأنَّه في بعض الأيَّام لم يتمكَّن رؤية والدته أبدا, و هذا جعله يفكِّر فيما لو أنَّ والده كان موجودا معهم, لَما إضطرَّت والدته على أن تهلك نفسها بالعمل يوميَّا.
أراد أن يكبر بسرعة ليستطيع أن يعمل و يجني مالا يكفيهم جميعها دون حاجة والدته إلى العمل,
و بذلك, لن تظطرَّ والدته على إعطاء حِصَّتها من الطعام لصغيريها الجائعين, و لن تتشكَّى ليلا بقلَّة حيلة لعدم توفُّر ما يكفي حتى تقدِّمه لأولادها.

في يوم من الأيَّام, جاء رجل غريب إلى منزلهم, رجل طويل و وسيم يرتدي بدلة سوداء, بدا كمن خرج من مجلَّة لعرض الأزياء, تلك التي رآى أحد رفاقه يحملها مرَّة من قبل,
هذا الرجل بدا تماما كما تخيَّل بيكهيون من والده أن يكون, كما أراد من والده أن يكون.

الرجل عاد إلى منزلهم أحيانا كثيرة بعدها, و في كلِّ مرَّة يأتي بها, كان محافظا على طلَّته البهية, و بيكهيون سيغتلس النظر من غرفة نومه على ما يجري بين والدته و الرجل من حوار.
توقَّف عن ظنِّه بأنَّ هذا الرجل هو والده المحتمل عندما سمع صوت والدته و هي تبكي بعد نهاية الزيارة الثانية,

بعد نهاية الزيارة الثالثة, تمَّ إخباره بأنَّه سيذهب ليدرس في مدرسة مرموقة, أفضل بكثير من مدرسته الحاليَّة, معهد دراسي سيضمن دخوله إلى أحد أرقى الجامعات في سيئول, بيكهيون لم يسأل كيف و لماذا, على الرغم من التساؤلات التي طرحت نفسها في عقله عن كيفيَّة تدبير النقود الكافية للدخول إلى معهد كبير, إلَّا أنَّه تجاهلها فقط, لأنَّه لم يسبق أن رأى والدته بهذه السعادة من قبل.

و طوال الإسبوع الذي تلى ذلك, قامت والدته بطهو وجباتهما المفضَّلة, بقيت في المنزل طول النهار تتجوَّل معهما و تساعده في حلِّ واجباته المدرسيَّة, و في الليل إستلقت بجانبه لتنام,
والدته بدت سعيدة, سعيدة جدَّا … لذا هو سمح لنفسه بأن يكون سعيدا برفقتها, فهم لم يكونوا بهذه السعادة منذ وقت طويل جدَّا,

كان في الثانية عشرة من عمره عندما أخبروه بأنَّه سيحصل على كلِّ ما يريد, على كلِّ ما تريده والدته له _ بشرط أن يترك عائلته خلفه.
بيكهيون لم يعرف كلَّ هذا حتى نهاية الزيارة السابعة و الأخيرة, عندما تقدَّم الرجل الطويل ناحيته, ليخبره بأنَّه سيعيش كفرد من عائلة بارك من الآن فصاعدا.

“لماذا لا تأتين معي ؟؟” سأل والدته بأعين حمراء مبتلَّة, و أذرع تحاول الهروب من قبضة الرجل آملا العودة إلى أحضان والدته “لماذا سيأخذوني أنا فقط ؟؟“

“أحبَّك, بيكهيوني, إعلم بأنَّني أريد الأفضل لك دائما, هاه ؟؟ إيَّاك و أن تشكَّ بهذا للحظة واحدة, صغيري” أجابته والدته و بدأت تبكي في اللحظة التي إلتقطه الرجل بها ليدخله في السيارة المصفَّحة قَصرا, بيكهيون لم يكن يريد الذهاب, لكن كلُّ ما جال في عقله تلك اللحظة, هو لو أنَّ والدته أحبَّته بصدق, كيف سمحت لهذا الرجل ذو البدلة السوداء بأن يأخذه بعيدا إذا ؟؟ أ لا تعرف بأنَّه سيكون وحيدا و خائفا هناك ؟؟ أ لن تشتاق إليه بعد ذهابه ؟؟

هذا لم يكن مقنعا, لو أن والدته أحبَّته حقَّا, لما قبلت بتسليمه إلى الرجل ذو البدلة, لما قامت بحزم أمتعته و ثيابه قبل مجيء ذلك الرجل بيوم. كان يجب عليها أن تسأله عن ما إذا أراد الرحيل بعيدا عنها و عن شقيقه أم لا,
كان يجب عليها أن تسأله وقتها و كان سيجب عليها أن تعرف بأنَّ إجابته هي ’لا’.
و دائما ما ستكون ’لا’ مهما أعادت السؤال لأنَّه لم يكن يملك أحدا غيرهما.

بيكهيون يذكر بأنَّه بكى كثيرا بعد هذا, ظنَّا منه أنَّ والدته لم تعد تحبُّه كما إدَّعت. لأنَّه لم يستطع فهم ما حصل, كيف ستتخلَّى عن من تحبُّ ببساطة فقط من أجل سعادته.

أغرق نفسه بالكتب لأربعة سنوات تلت ذلك, بالكلمات, بالأفكار و بالحكم … يحاول جاهدا التخلُّص من هذا الألم الذي لم يتوقَّف عن النمو في قلبه, لأن كلَّ ما حصل معه لم يكن صحيحا.

أو ربَّما هو بدأ يقتنع بما حصل أخيرا, عندما أصبح في السادسة عشرة, حينها إلتقى بالسيِّد بارك و ولده لأوَّل مرَّة
كان ذلك بعد أربع سنوات من الوداع الذي حصل عليه من والدته.

بيكهيون عرف بأنَّ الأمر صحيح تماما, عندما تعهَّد بإعطاء نفسه و كلُّ ما هو عليه إلى الرجل الذي يحبُّه, على الرغم من علمه بأنَّ ما كان يحصل لم يكن أكثر من عقد رابح بالنسبة لوريث شركة بارك الشاب.

و كلُّ شيء أصبح أكثر وضوحا بعدها, في كلِّ مرَّة وجد نفسه يبكي فوق سريره وحيدا, محاولا إقناع نفسه بأن تشانيول يعمل فقط, و لم يكن يعبث في الخارج مع شخص أخر لأنه لم يكن هو الزوج الذي يستحقّ, لأن بيكهيون لن يكون أبدا الشخص الذي يريد تشانيول البقاء بجانبه.

و فقط بعد أن إنتهى من تعبأة حقيبة سفره, بعد عشر سنوات منذ أن رأى إبتسامة الأطول لأوَّل مرَّة, بيكهيون فهم التضحية التي أقدمت عليها والدته. الحبُّ هو أن تتمنَّى السعادة لمن تحبُّ, أن تقدِّم الأفضل له دائما .. حتى و إن عنى ذلك التخلِّي عنهم في سبيل ترك فراغ في حياتهم يمتلأ بالسعادة التي فقدوها بسببك.

تشانيول دخل من أجل الثروة, بيكهيون أدخل قلبه معه, فـ إن كان عليه الرحيل من أجل أن تجد السعادة من يحبّ, فهو مستعِّدٌّ لأن يختفي من حياته نهائيَّا.

إلتقط حقيبته, آخذا معه الذكريات المؤلمة في هذا المكان و بعض قطع حلمه المحطَّم, قبل أن يغلق الباب خلفه مغادرا إلى الأبد.

*

*

*

*

*

*

ما كان يجب عليه أن يتفاجئ عندما فتح باب غرفته ليجد السرير فارغا, تشانيول يعرف ما حصل بالفعل, فما من سبب آخر يجعله ينتظر لساعات طويلة جدَّا على طاولة في مطعم مهيَّئة لشخصين إلى حين وقت إغلاقه, ما من سبب يجعله يجلس وحيدا لوقت طويل بعد مجيء السائق بسيَّارة فارغة و بدلة بيضاء جديدة غير ملموسة.

“بيكهيون ؟, بيكهيون ؟” صرخ بصوت يتردَّد كالرعد بين جدران القصر, أقدامه تأخذه بخطوات عريضة في أرجاء المنزل, متنقِّلا من غرفة إلى أخرى, من طابق إلى آخر باحثا عن من لم يستطع إيجادة, تشانيول يعرف تماما مقدار سوء تعامله مع شريكه خلال السنوات الماضية, لكن هذا لم يمنعه من إقتحام زوايا القصر الواحدة بعد الأخرى, بأمل يأئس لإيجاد بيكهيون في أحدها.

لكنه لم يكن موجودا في أيِّ منها, لأنَّه لم يسمع مرحبا بعودتك, عندما وصل القصر هذه المرَّة, ما من هل تناولت عشاءك ؟؟ , عندما دخل المطبخ, ما من دعني أحظِّر الحمام لك, عندما رمى معطفه بإهمال على أرضيَّة غرفة نومه.

لا يمكن لبيكهيون أن يهرب, من المستحيل أن يكون قد رحل هكذا فقط, لكن مهما حاول أنكار الحقيقة في داخله, إلَّا عينيه لم تستطع تجاهل إختفاء ثياب الأقصر من الخزانة, أو حقيبة السفر المفقودة, و الأهم هو كلمة  أحبُّك التي كانت ستصل إلى مسامعه عند نهاية كلِّ اليوم.

لا يجب على اليوم أن يتهي بهذه الطريقة, بل لا يريد من هذه الليلة ان تنتهي بهذه الطريقة.

لطالما تمَّ إخباره مسبقا بأنَّه لم يكن من النوع الرومانسي في العلاقات, لكنَّ هذا كان قبل أن يكتشف مشاعره تجاه الأقصر,
تشانيول لم يكن مغرما بأحد قبل بيكهيون,  هذا ما جعله يقوم بإلغاء جميع مواعيد عمله منذ إسبوع كامل فقط ليتمكن من حجز الجناح الضخم في مطعم شريكه المفضل

اليوم, تشانيول لم يكن يريد التصرُّف كـ مدير تنفيذي لشركة بارك للإستثمارات, بل كزوج محبِّ,
اليوم, كان من المفترض أن يخبر بيكهيون بمقدار حبِّه له,
اليوم, كان من المفترض أن يطلب يده مجدَّدا, لا كـ وريث لأحد أكبر الشركات في الدولة, بل لأنَّه ببساطة, كان يحبُّه.

كان من المفترض أن تكون هذه الليلة هي نقطة التحوِّل في علاقتهم, مرحلة التغيُّر إلى الأفضل, لأنَّه أراد التغيُّر, و أراد أن يصبح زوجا أفضل,
لكن الحقيبة المفقودة, و العلبة المصفَّفة للبدلة غير المفتوحة, تعني أن بيكهيون قد إتخذ قراره أيضا.

و لأوَّل مرَّة منذ خمس سنوات, تشانيول هو من قضى تلك الليلة وحيدا على فراشه, باكيا على شخص لن يعود إليه مجدَّدا.

*

*

*

*

*

*

إحتاج بيكهيون يوما واحدا لأن يجد لنفسه مكانا للسكن, فندق رخيص يصرف فيه المقدار الضئيل من النقود التي يحملها معه, لم يرد إستخدام بطاقة الإئتمان السوداء التي قدَّمها له تشانيول في ذكرى زواجهم الأوَّل, إضافة إلى انَّه إستبدل هاتفه بآخر أرخص, لنفس السبب الذي جعله لا يستخدم نقود زوجه, و هو لكي لا يترك سبيلا للأطول لأن يلحق به و يجده,

أسبوع مضى منذ رحيله, و ما من خبر في الصحف أو في أيِّ مكان آخر عن إختفائه, و هذا جعل من الألم يرتفع في قلبه أكثر, لأنَّ ربَّما, تشانيول لم يلحظ غيابه حتى الآن, الأمر مؤلم جدَّا, أن يعرف بأن تشانيول لم يكن يحبُّه بما فيه الكفاية لأن يحاول البحث عنه حتى,
لكنه أجبر نفسه على إبتلاع الكتلة العالقة في حنجرته في كلِّ مرَّة يتذكَّر بها زوجه,

تشانيول رفع صوته في وجهه مرة من قبل, لكنَّه لم يحاول ضربه أبدا .. بيكهيون شعر بنفسه محظوظا للحظة, لأنَّه حتى عندما إمتلك زوجا لا يحبُّه, إلا أنه لم يكن عنيفا معه.

لم يشعر بندم رحيله أبدا, بل هو نادم لأنَّ قراره إتَّخذ سنين طويلة قبل أن يفكِّر به, سيتوقَّف عن كونه حجرة عاثرة في طريق زوجه الذي لم يفكِّر به يوما على أنَّه شريك حياته.

مثير للشفقة كما قال عنه الجميع,
إنه مثير للشفقة لأنَّه حتى بعد أن إتَّخذ قرارا شجاعا بالهرب و الرحيل, قلبه ما يزال ينبض بسرعة في كلِّ مرَّة يسمع بها إسم ’بارك’.

بيكهيون لا يريد أن يندم على قراره, لكنَّه نادم جدَّا.

حقَّا حقَّا نادم.

*

*

*

*

*

*

“مالذي تقصده بأنَّك لست بالمزاج لذلك ؟؟ ” ها هو يزمجر مجدَّدا, يبدو بأن الزمجرة و العبوس هو كلُّ ما يفعله مؤخَّرا.

منذ أن عقد صديقه المقرَّب خطبته من أحد أبناء مالك شركة تايكوون الصينية للعقارات, بدأت أيَّام إحتفالاته تتقلَّص تدريجيا حتى إختفت تماما,
إمتلاك جميع أصدقائه عائلات و أزواج ينتظرونهم في المنزل لم يساعده في إستمرار حياته الإحتفالية,
كاي لم يملك العديد من الأصدقاء أساسا, أمَّا الأشخاص الذين يعتبرهم أصدقاء حقيقيين, فأحدهم ذاهب إلى الصين من أجل إكمال عقد قرانه, أمَّا الآخر, فيحاول إصلاح زواجٍ مدبَّر.

“أعني ما أعنيه بالضبط, لست بمزاج للإحتفال.” تمتم سيهون عبر هاتفه, و كاي إستطاع رؤية وجهه المتذمِّر من صوته عبر السماعات, قد يكون واقفا في شرفة منزله الآن أيضا, واضعا لفافة سجائر بين شفتيه,
سيهون توقَّف عن التدخين منذ فترة طويلة, لكنَّ شركة عائلته تمرُّ بمراحل حرجة جدَّا هذه الأيَّام, و هو لم يستغرب عودة وريث أوه الوحيد إلى هذه العادة السيئة مجدَّدا.

إبتلع الردَّ الذي كان على طرف لسانه قبل أن ينطق بجملة تافهة, لأنَّه لم يرغب بتحويل النقاش إلى مشاجرة حمقاء عبر الهاتف, و أطلق تنهيدة صغيرة يائسة,
لم يُرد أن يُشعر صديقه بالذنب, لكنَّه لم يستطع إخفاء إنزعاجه
“حسنا لا بأس, إفعل ما تريد“

و عندما سمع صوت سيهون المنكسر عبر الهاتف مجدَّدا, كاي حقَّا أراد الإعتذار,
“فقط .. دعني أصفي الأمور مع لوهان, حسنا ؟؟”

“لا بأس,” كاي سحق لفافة سجائر موجودة على الأرض بكعب حذائه بقوَّة, متخيِّلا كونها الرئيس أوه بسرِّية تامة, “أنا حقَّا متفهِّم, سأنتضرك“

الأسمر يتفهَّم الوضع الذي يمرُّ به صاحبه, ان يتمَّ إجباره على الزواج من أجل عقد عمل أو صفقة مربحة شائع جدَّا في الحياة التي يعيشها رجال الأعمال,
الكثير ممن يعرفهم مرُّوا بهذا الوضع مسبقا.
كريس كان من بينهم, و تشانيول أيضا, الفرق هو أنَّ الطويل الأحمق كان مستعدٌّا لتنفيذ أوامر والده مهما كانت باردة,
لكن, من بين جميع من يعرف, هو لم يتوقَّع حدوث ذلك مع سيهون أبدا,

الوجود في هذه الحياة هو مجرَّد غلطة بالنسبة له, فعلى الرغم من كون جميع أصدقاءه ورثة للعمل و النقود بالنسبة لآباءهم, إلا أنهم لم يكونوا أولادا غير شرعيين كحالته.
كاي يعرف بأن والده سيسقط على الأرض ضاحكا بمجرَّد التفكير بإستخدامه في شركته لمصلحة خاصة, فهو لم يكن سوى نذل حقير بالنسبة لوالده, غلطة غبية لا تملك أيَّة صلاحية في الملايين التي تجنيها شركات كيم سنويا, من المستحيل أن يتم إستخدامه من قبل والده بالطريقة ذاتها التي إستخدم بها الرئيس أوه ولده, سيهون.

“أتوقَّع حضورك في حفل زفافي”  صوت سيهون الجاد جاء عبر سمَّاعة الهاتف مجدَّدا, ليضحك كاي بخفَّة.

كلاهما يعلم بأن وجود الأكبر في حفل زفافه مستحيل, والدَي الأشقر لم يكونا يوما من المعجبين بصحبتهم, إضافة إلى أنَّ والده سيفضِّل حبسه في شقة كبيرة داخل قصر عملاق على أن يتركه ليعيش حياة طبيعية.

سيهون تجاهل أعذار صديقه و أعاد طلبه لمرَّة أخيرة قبل أن يغلق الخط,

“مشاكس أحمق.” ضحك قليلا ثمَّ تنهَّد, معيدا هاتفه إلى داخل جيب بنطاله,

أغلق عينيه محاولا تناسي الوحدة التي سيشعر بها من الآن فصاعدا, بعد إنشغال سيهون بأميرته الجديدة و رحلاته المتعدِّدة إلى الصين بسبب ذلك سيكون بعيدا بعشرات الأميال عن تشانيول, و بذلك سيهون لن يكون من ضمن خياراته مطلقا,

هذا سيترك تشانيول وحيدا في القائمة, لكنَّ الأخير إختفى من الأنظار تماما منذ أن أخبرهم بأنَّه يريد أن يكون زوجا صالحا.

و أخيرا أيُّها اللعين, فكَّر في نفسه ريثما يخطو طريقه عائدا إلى داخل حانة سوهو من الباب الخلفي,
خمس سنوات من زواج خالٍ من المشاعر وقت طويل جدَّا.

كاي لم يبح لتشانيول يوما عن قلقه تجاه الشريك الذي رفض الأطول ذكر إسمه علنا, لأن لا دخل له بكلِّ ذلك في النهاية.
لكنه و بدون أن يعرف إسمه حتى, الأسمر عرف مقدار إهتمامه بشريكه الطويل الأخرق.
و الشيء الوحيد الذي جعله يتخطَّى المرارة التي يتركها تشانيول في حلقه عندما يتذمَّر بسوء عن الفتى في منزله كان مقدار الكحول الذي يتناوله يوميا, و ربَّما لو لم يشرب حتى الثمالة في كلِّ مرَّة رأى بها تعبيسة صديقه المنزعجة, لكان قد بدأ شجارا علنيا معه, كبداية لسلسة شجارات تتلو ذلك,

لأنَّه مهما كانت حقيقة كاي _نذل, حقير, مخادع_ إلا أنَّه لم يكن أبدا من الذين سيعاملون عقد الزواج كجزء من العمل فقط, لن يفعل ذلك عندما لا يكون ثملا على أيَّة حال ..
لكن حقَّا, منذ متى لم يكن ثملا ؟؟

“لقد جئت وحيدا الليلة, هاه ؟؟” سأله سوهو في اللحظة التي جلس بها على مقعده امام طاولة الحانة, غير مبال بحقيقة دخوله من الباب الخلفي بدل الدخول من بابها الأمامي كإنسان طبيعي,

“صحيح, أضنني سأتي لوحدي كثيرا من الآن و لفترة طويلة,“

“أ لم تفكِّر بالإستقرار ؟, أن تكوِّن عائلة لنفسك ؟؟ ” مالك الحانة سأل بفضول تام, و لم توجد أيَّة مرارة في صوته.

“لماذا ؟؟ هل مللت من وجودي بجوارك طوال الوقت هيونغ ؟؟” ضايقه الأسمر, مريحا ذقنه على كفِّه بكسل,

“هل نعم من ضمن الخيارات ؟؟” أجابه سوهو بنبرة مازحة و مرَّر له كأسا جديدا من الكحول,

“جعلي ثملا لن يمنعني من التقرُّب إلى عاملك الجديد لوقت طويل جدَّا,”
قال موضِّحا ريثما ينظر إلى الأمام عبر بوَّابة العاملين حيث بيكهيون هناك ينضُّف الأطباق بحذر,

إنَّه لطيف, كاي يعترف بذلك, وجه جميل, إبتسامة لطيفة, و يبدو من النوع المتوتِّر أيضا, هذا سيجعل اللعب معه ممتعا حقَّا,

سوهو لاحظ الإبتسامة اللعوبة التي إرتسمت على وجه الرجل أمامه ليهزِّ رأسه بقلَّة حيلة,

مالك الحانة لم يقم بتعيين أحد للعمل معه من قبل, ببساطة لأنَّه لم يحتج يدا أخرى تساعده في الحانة,

لطالما عرف الأسمر بأن سوهو رجل صارم, لن يرضى أبدا بشيء أقلَّ من ما يريد, سواء كان ذلك في الحياة العمليَّة او العاطفية.
سوهو شخص متحفِّظ أيضا, بل متحفِّظ جدَّا, لقد شهد على هذا بضع المرات أيضا,

لكن ها هو يتصرَّف بحماية شديدة تجاه القطة الجديدة, و كاي يتساءل عن السبب, لم يبدُ العامل من النوع الذي سيعجب سوهو, لكن في الحقيقة, منذ متى أعجب سوهو بأحد ؟.

“المحاولة لن تظرَّ أحدا,“

“صحيح, لكن منذ متى نجحت محاولاتك ؟؟”
قهقه كاي قبل أن يرفع كأس الكحول ليشرب, شعر بالسائل يتخِّذ طريقه أسفل بلعومه بشكل نبضات حارقة على لسانه قبل أن يستقرَّ داخل معدته,
لكن تبقى هذه الحرقة أفضل من شعور الوحدة و  قلَّة الفائدة التي تحيطه دوما.

*

*

*

*

*

*

فكرة العودة خطرت في ذهنه مرة .. مرتين, ثلاث, مئة,
بل بعدد المرَّات التي كتب بها رقم تشانيول على شاشة هاتفه فقط ليمحيه مجدَّدا,

كلَّما حاول إجبار نفسه على النسيان, يتذكَّر أكثر,
و كلَّما تذكَّر أكثر, وجد أسبابا مقنعة كثيرة تجعله يتأكَّد من أنَّه أحمق,
أحمق لإنتظاره كلَّ هذه المدَّة قبل أن يتَّخذ قراره بالرحيل,
غبي لأنَّه ما يزال ينتظر الرجل الذي قد يكون نائما على فراشه بسعادة الآن, إحتفالا برحيله.

بيكهيون يعلم,
هو يعرف الكثير من الأسباب التي تجعل من رحيله الخيار الأفضل,
لكن ..
جميعها لم يكن مقنعا كفاية بالمقارنة مع سبب واحد آخر, واحد فقط.

و ها هو الآن يجلس وحيدا على أحدى المقاعد في غرفة العاملين في الحانة, عينيه تحدِّق بالأرقام على شاشة هاتفه, مكتوبة هناك لمئات المرَّات لكنها لم تُحفظ أبدا, و لن تُحفظ أبدا.

و هو يفكِّر, هل تشانيول نائم الآن ؟؟ هل ما يزال يشعر بدفئ المنزل بعد رحيله؟؟, هل ما يزال يعتبر منزله الملجأ الذي يأويه عندما يكون محتاجا؟؟ …  بما أنَّه لم يعد جزءا منه بعد الآن.
أ لا يشعر بإختلاف بسيط بإختفاءه ؟؟

“هيَّا إفعلها و حسب ..”
سمع صوت سوهو المفاجئ بجانبه ليجفل بخفَّة, يبدو أنَّ مالك الحانة كان واقفا هناك منذ مدَّة
“إتَّصل به ..“

“آه, لـ لا .. الوقت متأخِّر جدَّا, من الممكن أن يكون نائما الآن ..“

نظر المالك إلى الساعة و رفع أحد حاجبيه بإستنكار, لأن الوقت كان السابعة مساءا, و بيكهيون يريد أن يصفع نفسه على هذه الكذبة السيئة.

لكنّ لحسن حظِّه, سوهو تجاهل الأمر و ربَّت على كتفه بخفَّة قبل أن يتحرَّك مبتعدا لإستقبال الزبون الجديد.

صديق رئيسه ما يزال جالسا في المكان ذاته الذي يجلس به كلَّ ليلة, يبدو بأنَّه سيقضي الليلة هنا مجدَّدا,
هذا الرجل لم يشبه تشانيول في أيِّ شيء, ما عدا الطريقة التي يمسك بكأسه, أو مزيج الكحول الخاص الذي يحبُّه زوجه,
و أيضا يبدو كمن يحبُّ إثارة المشاكل, على الرغم من وسامته,
يبدو تماما كالشخص الذي لا يجدر ببيكهيون الإقتراب منه.

العمل في هذه الحانة يجعله يتساءل عن عدد الأشخاص الذين نظروا إلى زوجه بالطريقة التي ينظر بها هذا الغريب إليه الآن. عدد الأشخاص الذين إستطاعوا البقاء معه هنا, و عدد الأشخاص الذين بادلهم تشانيول نظراته الجائعة.

و لكم يتمنَّى لو أنَّه نطق بتلك الكلمات, لو فقط أخبره بأنَّه لا يحبُّه أبدا, بأنَّه لا يبادله المشاعر, على الأقل سيتأكَّد من ذلك حينها ..
فهذا سيكون أن أفضل من مشاهدة الشخص الذي يحبُّه يفضِّل الحصول على صداع بدل البقاء معه,
كلُّ شيء آخر سيكون أفضل من هذه الحقيقة,

بيكهيون تجنَّب النظر بإتجاه الغريب لما تبقَّى من الليل, لأنَّه لم يرد التفكير بعدد الذين تقرَّبوا من زوجه بالطريقة ذاتها التي أبدا بها صديق سوهو إعجابه به.
لا يريد التفكير بالعطر العالق على ثياب تشانيول عند نهاية كلِّ يوم,
و لا يريد أن يكون هو سبب العطر العالق على ثياب أحد غريب.

لقد أحبَّ تشانيول بشدَّة, و ما يزال يحبُّه بشدَّة, و لكم يكره نفسه لذلك.
تشانيول لم يكن الزوج المثالي أبدا, لكنَّه الشخص الوحيد الذي احبَّه بيكهيون و لمدَّة طويلة جدَّا.

و لكم تخيَّل مشهد عودته إلى المنزل, مرَّة, مرَّتين, ثلاث, مئة.
بعدد المرَّات التي إتصل بها بالرقم لينهي مكالمته قبل أن يرنَّ الهاتف المقابل.

لكنه لم يعلم بأنَّه لو إتَّصل للمرَّة المئة و الأخيرة, لسمع صوت تشانيول المتلهِّف و القلق من الطرف الآخر يحثَّه على العودة,

لكنَّه لن يعلم أبدا, لأنَّه لم يتَّصل به مجدَّدا …

*

*

*

*

*

*

حانة Lady luck حانة صغيرة جدَّا, عدد قليل جدَّا من الناس يعرف بوجودها و المكان التي تقيم به مخفي داخل الأزقَّة, السبيل الوحيد للعثور عليها هو أن يدلَّك احد عليها, او أن تكون تائها لتعثر عليها بمحض الصدفة, و هذا هو بالضبط ما حدث مع بيكهيون على حدِّ قول سوهو.

 سوهو شخص ناضج, لا يحب الضوضاء و تصرُّفات المراهقين, لكن كاي يعرف بأنَّه من النوع الذي يقدِّر المتعة و الحفلات, ففي النهاية هو صديق أحد أخويه غير الشقيقين الذي لا يكفُّ عن التدخل بالمشاكل.
كاي يحبُّ مينسوك أكثر من جونغدي, لأن الأول سيتكبَّد عناء الإتصال به و السؤال عن أحواله دون أن يذكر إسم والدهم على الأقل.

من المحتمل أن يكون أخوه هو من أوصى سوهو بالإعتناء به, و هذا هو السبب الذي يجعل مالك الحانة يتغاضى عن تصرُّفات الأسمر و يتركه ليتجوَّل كما يشاء و كأن هذا المكان هو منزله الخاص, الأكبر أعطاه غرفة خاصَّة به حتى, غرفة صغيرة في نهاية الحانة ينام بها متى ما شعر بأن منزله كبير و كئيب جدَّا بالنسبة له,

أو من المحتمل ان يكون سوهو ذو قلب رقيق فقط, يرحِّب بكل من يشعر بعدم إنتمائه في أيِّ مكان داخل هذا العالم, لأن الرجل ذو الشعر البني الذي يرتدي ربطة العنق السوداء الخاصة بالنادلين هو القطة التائهة الثانية التي أنقذها سوهو بعده,

“لن أكذب عليك, أنت حقَّا لطيف جدَّا,” قال بإبتسامة لطيفة مميلاً رأسه إلى الجانب قليلا عندما شاهد بيكهيون بالقرب من باب غرفته كمن تاه في المكان مجدَّدا, كاي قرَّر التوقف عن محاولاته في التقرُّب من الأقصر منذ أن لاحظ الرفض الذي يحصل عليه دائما,

سوهو لم يخبره الكثير عن بيكهيون, ما عدا إسمه بالطبع, لكنَّه لم يكن مضطرا لذلك, لأن كاي أراد التعرُّف على الأقصر منه مباشرة دون لفٍ أو دوران,

هناك نوع من السعادة يغمره في كلِّ مرَّة يكتشف بها أشياء جديدة عن الأقصر, كصوته العذب الذي يملأ المكان عندما يغِّني, أو ضحكته اللطيفة التي تخفي عينيه كهلالين صغيرين و ترسم شفتيه بمربع لطيف,
كاي أراد التعرُّف على هذا الشخص اللطيف ذو العنين الناعستين  و الإبتسامة الجميلة, كنوع من الهوس, يريد أن يعرف المزيد و المزيد حتى أصبح يضن أنَّ يومه لن يكون كاملا إن لم يحاول التحدُّث معه لمرَّة واحدة في اليوم على الأقل.

لكن كما هو الحال في كلِّ يوم “شكراً” كانت الإجابة الوحيدة التي حصل عليها منه قبل أن ينحني عدَّة مرات معتذرا ليمشي بخطوات عريضة خارج الغرفة, محاولا الإبتعاد عنه قدر الإمكان,

“آآآه, ليس ثانية !” تذمَّر بطفوليَّة ليرمي بنفسه على سريره مجدَّدا,

مغفل غبي ذو فم كبير غبي, متى سيتعلَّم التحدُّث بصورة طبيعيَّة ؟؟ متى سيتمكَّن من التحدُّث معه كإنسان طبيعي ؟؟

ربَّما هذا لم يكن مجرَّد هوَس, لأنَّه لم يستطع تجاهل الحاجز الذي يحاول بيكهيون بناءه بينهما, و لم يكن مجرَّد إعجاب أيضا, لأنَّه يتذكَّر مشاعر الإعجاب بوضوح, إحساس دافئ ضبابي يملأ القلب, شعور بفراشات نشيطة داخل المعدة … أو شيء من هذا القبيل,
أيَّا كان تعريف الإعجاب, فهو لم يكن ما يشعر به كاي الآن,

ربَّما هو .. يحبُّ بيكهيون بصدق فقط ؟؟ و حقيقة أنَّ هذه الفكرة تزعجه تعني أنَّه يحبُّ بيكهيون بالفعل, صحيح ؟؟
حتى لو لم يكن هذا صحيحا, فهو واثق من أن مشاعره بدأت تميل تجاه الأقصر,
إذا, كيف سيفسِّر إنزعاجه من عدم قدرته على التحدُّث معه, أو غضبه من رفض الأقصر له دائما ؟؟

إن لم تتغيَّر مشاعره مع الوقت, فسيجب عليه التوقُّف عن تجاهل الخاتم الذي يحتظن الإصبع البنصر للأقصر,

و حقيقة أنَّه يريد تحطيم هذا الخاتم لها معان أخرى ..

كاي في مأزق كبير و لا يعرف كيف سيخرج نفسه منه,

*

*

*

*

*

*

“المكان لا يُفتح أيَّام الإثنين” قال الرجل مميلا رأسه إلى الجانب قليلا, بالطريقة ذاتها التي يحاول بها مضايقته دائما,

بيكهيون لا يستطيع مناداته بالغريب, لأنه سبق و أن تحدَّث معه .. تقريبا,
و على الأرجح, هذا الرجل يعرف إسمه فقط لأنَّه شخص مقرَّب من سوهو,
لكن بيكهيون لم يعلم ما إسمه, و فضَّل مناداته بـ ’صديق الرئيس’ فقط, لأنه لن يحتاج إسمه طالما سيقضي كامل وقته في محاولة عدم التحدُّث إليه,

“و لن يُفتح في الغد أيضا, أ لا تعرف ذلك ؟؟“

أنا أعرف الآن, أراد أن يجيبه بذلك لكنَّه فضَّل عدم التحدُّث بوقاحة مع أحد أصدقاء الشخص الذي وضَّفه,

مالك حانة Lady luck كان كريما بما فيه الكفاية لأن يقبل بتوضيفه هنا على الرغم من عدم توفُّر أيَّة شهادة أو سيرة ذاتية تؤكِّد هويَّته, و التي لم تكن سوى أمر آخر يذكِّره بأنَّه لا شيء سوى ملكية خاصَّة لعائلة بارك,

إنَّه بحاجة ماسَّة للنقود , المقدار الذي معه لا يكفيه للبقاء حتى في ذلك الفندق الصغير المثير للشفقة,
و هو مستعِّد لفعل أيِّ شيء من أجل أن يحظى بمكان يسكن فيه لبضعة أيَّام فقط, حتى و إن تطلَّب الأمر أن يجثو على ركبيته راجيا سوهو بالسماح له بالنوم عنده.

أدار الرجل ذو الشعر الرمادي نظره تجاه الحقيبة الحمراء بجانبه قبل ان يعيد نظره إلى الأقصر,

“ليس لديك أيُّ مكان لتبيت فيه.”

الرجل لم يكن يتسائل, بل كان ينطق بالحقيقة فقط

“غير صحيح“

كان سيفضُّل لو أن سوهو هو من رآه بهذه الحالة أولا, بدل هذا الرجل الغريب الذي تفوح منه رائحة المشاكل كلَّ ما ظهر,
بيكهيون لم يكن يريد شخصا مزعجا آخر يذكِّره بالوضع السَّيء الذي يعيش به الآن, خاصَّة إن كان هذا الشخص يستطيع تدبير نقود المشروبات نفسها التي يشرب منها زوجه,

لكن بدل أن يضحك عليه بسخرية لكونه فقيرا كما توقَّع الأقصر, إنحنى الرجل ببساطة ليلتقط الحقيبة الحمراء محاولا أخذها,

الأقصر جفل من مكانه و أمسك بالرجل من معصمه محاولا منعه من الهروب بالأشياء القليلة المتبقِّية له بعد أن هرب من تشانيول
“أرجوك لا تفعل ذلك بي, لا أملك نقودا لأعطيها لك, لكن أرجوك ..“

“لا أحتاج نقودا,“

“لكن ..”
و كأن وعاءا كاملا من الماء البارد إرتمى عليه ليجعل من جسده يرتجف, و من يديه تتجمَّد,
إن لم يكن يريد النقود, مالذي يريده هذا الرجل إذا ؟؟ … بيكهيون لم يملك غير جسده ليعطيه !!

تحرَّك في مكانه بعدم راحة جاعلا من قبضته فوق معصم الرجل أقوى, و ثبَّت أقدامه على الأرض بكل ما يملك من وزن,

“لست من ذلك النوع من الناس ..“

“عن ماذا تتحدَّث ؟؟”
سأل الرجل مستغربا ما قاله الأقصر, ليتمكَّن بيكهيون من إستعادة حقيبته و إحتضنها بالقرب من جسده بقوَّة في اللحظة التي حصل عليها مجدَّدا
“لست أحاول أذيَّتك ..“

“إذا مالذي تريده ؟؟ لماذا تحاول أخذ أشيائي مني ؟؟“

“أريد حملها إلى السيَّارة, سآخذك لتعيش في شقتي.“

“لكنَّني لا أعرف حتَّى من تكون,“

“نادِني, كاي,”
ردَّ عليه بسرعة محاولا أخذ الحقيبة مجدَّدا, لكن بيكهيون لم يكن يقصد هذا النوع من التعارف

“مالذي يجعلك تعتقد بأنَّني سآتي لأعيش معك ؟؟”
سأل محاولا الإبتعاد لكن محاولاته بائت بالفشل عندما تغلَّبت عليه سرعة الرجل الآخر ليلتقط الحقيبة بإحدى يديه و يستعمل الأخرى ليمسك بمعصم الأقصر بقوَّة,

“لأنَّني لا أريد تركك في هذا المكان لوحدك و أسمح بالعديد من الرجال المغترين بأنفسهم و الذين لن يقبلوا بالرفض كإجابة لطلباتهم, بإلتقاطك من الشوارع بالقوَّة ..”
شرح له, محاولا الحفاظ على قبضتيه بالقوَّة المناسبة, لا مرتخية جدَّا حول ذراع الحقيبة و لا قويَّة جدَّا حول معصم بيكهيون, ريثما يسحبه تجاه سيَّارته,

بورش بيضاء حديثة الصنع, تختلف تماما عن الميزيراتي السوداء الخاصَّة بتشانيول, لكنَّها ما تزال محافظة على هالة ’غني’محاطة بها من جميع جهاتها, و هذا زاد من توتُّ الأقصر
“لكن أ ليس هذا هو بالضبط ما تفعله ؟؟ لا تقبل بالرفض كإجابه ؟؟ تحاول إلتقاطي من الشارع بالقوَّة ؟“

“إستمع, اعلم بأن إنطباعك الأوَّل بشأني لم يكن جيِّدا جدَّا,
لم أكن أكذب عندما قلت بأنَّك لطيف, لأنَّك كذلك … و المشكلة هي أنَّ هناك الكثير ممَّن في تلك الحانة يظنون ذلك أيضا”
لاحظ التعبير المستاء الذي إعتلى وجه الآخر, لكنَّه أكمل “لذا انا لا أستطيع تركك وحيدا هنا, خاصَّة بعد أن عرفت بأنَّك لا تملك أيَّ مكان آخر لتبيت فيه.

لن تكون مظطرَّا لأن ترى وجهي عندما أوصلك إلى المنزل, أنا سأتأكَّد من إمتلاكك سقفا تنام تحته و أذهب لن ترى وجهي بعدها,
تأكد من أنَّني سأتكد من سلامتك, و حتى إيصالك إلى مكان عملك إن أردت, لن أحاول التقرُّب منك أبدا, أو أذيَّتك .. و إن فعلت, تستطيع مقاضاتي على ذلك, لن أتذمَّر أو أُنكر شيئا حينها, أعدك“

أدخل بيكهيون إلى السيَّارة ليركب هو في مقعد السوَّاق الخاص به, ثمَّ إلتقط ورقة من لوحة القيادة امامه ليبدأ بالكتابة عليها بسرعة قبل أن يعطيها للرجل الجالس على مقعد الركَّاب بجانبه, مع توقيعه المتمركز في أسفل الورقة.

“خذ, إستنجد بهذه الورقة, في حال كان زوجك محاميا”
رفع رأسه لينظر إلى الأقصر بإبتسامة, لكنَّه أبعد نظره بسرعة عندما شاهد الرجل الصغير يفتح فمه ببطئ ليغلقه مجدَّدا دون أن ينطق بحرف,

الصمت أحاط بهم بعدها و كاي لا يستطيع وصف شعور الإرتياح الذي إجتاحه عندما لم يجاره بيكهيون بالحديث عن زوجه,
إذا لم يرد الأقصر التحدُّث عن هذا الموضوع, فكاي لن يجبره,
لن يجبره على ذلك لأنَّه هو لم يكن جاهزا للحديث عنه,

قظم بيكهيون شفته بتوتر, عينيه تحدِّقان بالورقة البيضاء بين يديه,
صوت المحرِّك صدح في المكان و الأقصر بذل كامل جهده في حفظ دموعه داخل عينيه عندما بدأت السيَّارة تتحرَّك,
يال القذارة, فكَّر في نفسه, كيف له أن يشعر بهذه الراحة لحصوله على منزل يأويه ؟؟

الجميع كان محقَّا, عندما قالوا بأنَّه لم يكن يستحقُّ البقاء مع تشانيول, جميعهم محقِّين,
لأن تشانيول لا يحتاج شخصا غير قادر على الإعتماد على نفسه بعيدا عن مساعدة الآخرين, بل لا يحتاج شخصا يفضِّل البقاء في منزل رجل غريب بدل العودة إلى منزله, “شكرا لك,“

قد يكون كاي شخصا _نذلا, حقيرا و مخادعا_ لكنَّه لم يكن أحمق أبدا,
أو ربَّما قد يكون كذلك, لأن الوقوع في الحب مع رجل متزوِّج يتطلَّب شخصا من الحماقة بما كان,

أما أيقاف السيَّارة جانبا لينحني و يقبِّل دموع هذا الرجل بعيدا عن عينيه يتطلَّب شخصا أكثر حماقة من الأول,

كاي أحمق ..
و طوال الرحلة في الطريق إلى شقته, بذل كلَّ ذرة جهد في جسده لألَّا يجعل من نفسه أكثر حماقة من ذلك,

*

*

*

*

*

*

هذا الفندق رخيص جدَّا,

مهشَّم و محطَّم تماما,

يال القذارة, تمتم تشانيول في نفسه

رفرفت الإمرأة الواقفة في ممرِّ الفندق عينيها بإغراء, صانعتا أصواتا غريبة تحثُّ الوريث على الإقتراب منها ليحظى بالوقت الممتع التي ضنَّت أنه قادم إلى هنا من أجله,
لا, هو لم يأت إلى هنا من أجل, هذا,
اجبر نفسه على البقاء هادئا ريثما يحاول إستجوابها عن مكان زوجه,
لكنَّ إخفاء إنزعاجه من هذا المكان القذر بدأ يصبح أصعب كلَّما طال بقاءه فيه مع هذه الإمرأة المقرفة للنظر,

“أخبريني أين هو فحسب,” زمجر

و بعد ثرثرة متواصلة إستمرَّت لما يقارب النصف ساعة, أخبرته أخيرا بأن ’الفتى اللطيف’ غادر الفندق مساء أمس,

تشانيول غاضب, غاضب جدَّا من حقيقة أنَّ بيكهيون إختار الإقامة في هذا المكان الرخيص,
و كلَّما فكَّر بعدد الأشخاص الذين نظرو إليه بهذه النظرات القذرة, و كأنَّهم يحاولون خلع ثيابه بأعينهم, شعر بنيران الغضب تشتعل في صدره.

 اخيرا خرج من المكان دون أن ينطق بكلمة أخرى, تاركا مساعده ليتكفَّل بأمر العاملة المزعجة,
يجب عليه أن يتأكد من إلتزامها الصمت, لا يستطيع المخاطرة بوصول أخبار بحثه المستمر عن بيكهيون إلى والده, و بالتأكيد لن يستطيع المجازفة بتسريب خبر إختفاء زوجه إلى الإعلام, فهو لا يريد سببا آخر يساعد والده في أذيَّة بيكهيون.

و حالما ركن سيَّرته أمام منزله, الأطول رمى بظهره على المقعد بقوَّة ظاربا عجلة القيادة بقبضته, و لم يكن هناك سوى صوت بوق السيَّارة العالي ليخفي الصرخة المتألمة التي هربت من فمه,

فقط عندما ضن بأنَّه قد وجده أخيرا, أفلته مجدَّدا.
في المرَّات السابقة تشانيول تأخَّر عن إيجاده ببضعة ساعات لا غير, امَّا الآن .. فهو يوم كامل. يوم عصيب كامل !!
الأمس ؟,
بيكهيون خرج من ذلك الفندق بالأمس !!

الرقم الذي تحاول الإتصال به__ قطع المكالمة ليبدأ بواحدة أخرى, عينيه تحدُّق بإسم الشخص الذي سبَّب كلَّ هذه الإضطرابات بداخله, و لم يتوقَّف عن إعادة الإتصال به حتى تكسَّرت شاشة هاتفه بين أصابع قبضته المشدودة,
كيف ؟؟ كيف ؟؟ أين هو ؟؟
رمى هاتفه بغضب على مقعد الركَّاب الخالي بجانبه,
تشانيول يذكر أنَّه سمع صوت الأقصر يغني هنا لأوَّل مرَّة,

و هو يريد أن يستمع إلى بيكهيون و هو يغني قائمة بأغانيه المفضَّلة مجدَّدا, يريد أن يستمع إلى تلك الألحان الهادئة مجدَّدا, الألحان التي يغنيها الأقصر بهدوء ضنَّا منه أن الآخر لا يستمع إليه عندما يكون معه في المنزل,

إنه مستعِّد لأن يعطي أيَّ شيء, و كلَّ شيء فقط ليستعيد هذا الشخص الذي غيَّره مجدَّدا, يتمنى لو يعود به الزمن و لو لبضع لحظات, فقط ليتمسَّك بيد زوجه دون أن يتركها للأبد, سيعطي أيَّ شيء و كلَّ شيء, فقط ليمنع نفسه من إرتكاب هذا الخطأ مجدَّدا,

“اين تقيم الآن, بيك ؟؟ بحق الرب, أين أنت ؟؟“

لو لم يكن بيكهيون مقيما في هذا الفندق البشع, إذا أين هو ؟؟ الأقصر لم يتصِّل بعائلته منذ ما يقارب العشر سنوات,
إن لم يمتلك نقودا أو بطاقة إئتمان, فكلُّ شيء آخر بحوزته لن يكون كافيا لأن يساعده في إستئجار غرفة في فندق مهدَّم,

هل خقَّا سيفضِّل البقاء هائما في الشوارع ؟؟ في مكان بعيد جدَّا دون سقف أو جدران فقط ليبقى بعيدا عن منزله ؟؟
تشانيول يستطيع إن أن يحزز الإجابة لذلك,
لكنه سبق و أن أخطأ بالإجابة على أحد الأسأله, حين قال بأنَّه لن يحبَّ زوجه أبدا,
الإجابة ستكون خاطئة دائما عندما يتعلَّق الأمر ببيكهيون,

تشانيول تزوَّج من أجل ثروته, الأموال التي لطالما كانت بحوزته,
لكن مالذي ستفعله الأموال التي يملكها الآن __ بل مالذي ستفعله أموال العالم كلها, لو لم يستطيع رؤية الشخص الذي يحبُّه ثانية و إلى الأبد ؟؟

*

*

*

*

*

*

بيكهيون جفل حين أُفلتت المقلاة من يده لتسقط على الأرض و تحدُث صوتا مروِّعا تردَّد صداه في جميع غرف الطابق,
إنحنى ليلتقط تلك المقلاة الغالية  من على الأرض و يرمي بها في غسَّالة الصحون,

“بيكهيون ؟؟, أ هذا أنت ؟؟”
جاء الصوت الناعس من الخلف ليستدير الأقصر  و يرى كاي واقفا بالقرب من باب المطبخ, عينيه ما تزالان مغلقتين و بيكهيون يتسائل ما إن كان قد مشى طوال طريقه إلى هنا هكذا,
“مالذي تفعله ؟؟“

“الفطور !!” غرَّد الرجل القصير بسعادة لكنَّ إبتسامته إنقلبت إلى أخرى محرَجة لِيحرِّك يده و يضعها خلف رقبته “في الحقيقة, أردت تحظير الإفطار لكن ..“

أجل, بيكهيون أراد أن يحظِّر الإفطار هذا الصباح تعبيرا عن إمتنانه للأسمر, لأنَّه كان صادقا بكلِّ ما قاله و لم يحاول التقرُّب منه أبدا منذ أللحظة التي خطت قدمه عتبة باب هذا المنزل,
لكنَّ خططه بائت بالفشل عندما إستيقظ متأخرا عن الوقت الذي خطَّط له, و مما زاد الطين بلَّاً, هو الثلَّاجة الفارغة تماما, و المخزن الخالي من كلِّ شيء تقريبا ..

لن يستطيع صنع وجبة كاملة بإستخدام الفودكا, طالما لن يرافقها شيء آخر سوى, حسنا … المزيد من الفودكا.

“و مالمشكة إذا .. ؟؟”
بيكهيون شاهد الأسمر و هو يمدُّ ذراعه في الهواء بنعاس شديد ليستعمل الأخرى في فرك النوم بعيدا عن عينيه, و هو لا يُصدِّق أنَّ هذا الرجل امامه, هو الشخص ذاته الذي أصرَّ على إلتقاطه من الشارع مساء أمس,
كاي رمش ببراءة حال رؤيته للتعاسة التي تبدو عليها ثلَّاجته الفارغة, و
“أوه ..“

شفتيه تقوَّستا في إبتسامة محرجة, قبل أن يتحرَّك بإتجاه هاتفه الموضوع على الطاولة “سأتَّصل بخدمة الغرف في الأسفل ليحظروا لنا بعض الطَّعام … أ لديك حسَّاسيَّة تجاه شيء معيَّن ؟؟“

“أستطيع تناول أيِّ شيء طالما لم يكن فيه خيار ..” أجابه بهدوء, ما يزال يشعر بالذنب على إستغلاله لكرم الأطول لدرجة أنَّه لم ينتبه على نفسه حين حنى رأسه تجاهه بإعتذار,

كاي  بدا غنيَّا منذ البداية, لكن بيكهيون لم يتوقَّع منه أن يكون بهذا الغنى,
أن يكون الرجل كريما معه بهذه الطريقة, بيكهيون حقَّا ممتن, لكنَّه لم يهرب من منزل رجل غني لتتمَّ إستضافته في منزل رجل غنيِّ آخر,

“سبق و أخبرتك بأنَّني أريد الإعتناء بك, أ تذكر ؟؟ لذا فقط, لا تقم بفعل أيِّ شيء و إعتمد علي, حسنا ؟؟”
رفع يده ليبعثر بها شعر الأقصر, و لم يتوقَّف عن ذلك حتى تذكَّر الخاتم حول أحد أصابع بيكهيون,

“هذا الذي حول إصبعك … إنَّه خاتم زواج, أ ليس كذلك ؟؟”
سأل مباشرة دون التفكير بما قاله, و على عكس ما توقَّع, لم يشعر بالشجاعة على سؤاله هذا, بل شعور الغباء الشديد هو ما ملأه,

لقد قضى الليل بطوله يتقلَّب على سريره بعقل مشغول بصاحب هذا الخاتم,
و هو يأمل أن تساعده الإجابة في إيقاف المشاعر التي تأبى التوقُّف عن النمو في قلبه تجاه الأقصر,

لكن, عندما رفع بيكهيون رأسه بخفَّة لينظر إليه بأعين سعيدة لامعة, كاي عرف بأنَّ الأوان كان قد فات تماما لأنَّه لم يستطع التحكُّم بالقفزة الصغيرة التي إفتعلها قلبه حين لم يبتعد الأقصر عنه هذه المرَّة,

“لاحظت وجوده في يدك منذ مدَّة ..“

وجود هذا الخاتم حول إصبعه, يعني إمتلاكه لشخص آخر ينتظره في المنزل, شخص سبق و أن وعد بيكهيون بجميع الأمور التي يريد قولها هو له,
الخاتم موجود لأن بيكهيون يحبُّ شخصا آخر بالفعل.

كاي لا يحبُّ ذلك,
لا يحبُّ رؤية هذا الخاتم ملفوف حول إصبعه براحة, و يكره تذكُّر وجوده هناك حتى,

أراد ان يعرف المزيد عن الخاتم و عن الشخص الذي أعطاه إيَّاه, لكنَّ ما يريد فعله أكثر هو أن يأخذه من إصبع الأقصر و يرمي به بعيدا عن هنا,

لا يحقُّ له ان يشعر بالغيرة من شخص لم يلتقِ به من قبل, فهذا غير صحيح البته,
لكنَّه سبق و أن إفتعل أمورا أكثر خطأ من ذلك عندما أحبَّ شخصا ينتمي إلى أحد آخر بالفعل,

و قد أخطأ في حق نفسه أكثر عندما أحظره إلى منزله, المكان الذي يرفض تقديمه إلى أعزِّ أصدقائه حتى,
هذا كلُّه خاطئ تماما, أ ليس كذلك ؟؟ فهو لم يعرف هذا الرجل سوى منذ بضعة أشهر قليلة,
كيف له ان يغرم بشخص لم يقبل التحدُّث معه سوى مساء أمس فقط ؟؟

و مما جعل الأمر يزداد سوءا, هو الإبتسامة المشعَّة التي إرتسمت على وجه الأقصر عندما أثبت شكوكه , “أجل“

ما يزال يتذكَّر المرَّة الأولى التي سقطت بها عينيه على الأقصر, في تلك اللحظة بيكهيون بدا جميلا و لطيفا جدَّا و هو واقف بالقرب من إمرأة باكية بنتصف العمر, مع إبتسامة بسيطة إرتسمت على شفتيه ريثما يحاول التهوين عنها, غير منتبه إلى الشخص الذي بقي ينظر إليه بإهتمام طوال ذلك اليوم,

“لقـ لقد إنتظرت منك أبعادي, أن تخبرني بأنَّك مرتبط.”
تمتم الأسمر بينما عقله يسترجع جميع تلك المرَّات التي تجاهله بها بيكهيون في حانة سوهو .
“لـ لماذا لم تفعل ؟؟“

كاي يحبُّ هذا الرجل, كما هو الحال مع شخص آخر, شخص إختار بيكهيون أن يحبَّه هو أيضا,

بيكهيون ليس ملكا له, و لن يكون ملكا له أبدا.
إنَّه لا ينتمي إلى هنا, و هذا الخاتم حول إصبعه كان دليلا كافٍيا لن يستطيع كاي تجاهله,
بل كان تحذيرا يجب عليه تذكُّره في كلِّ مرَّة قد يحاول بها تجاوز الحدِّ أكثر,

“لأنَّه لا يعني شيئا الآن,” تمتم الأقصر بصوت هادئ حزين قليلا, لكنَّ الإبتسامة لم تغادر شفتيه أبدا, و هذا زاد من غيرة كاي أكثر, “لن أكون متزوِّجا إن كنت لِوحدي, صحيح ؟؟“

بيكهيون يريد أن يرتدي الخاتم لأنَّه الدليل الوحيد الذي يثبت له بأنَّه كان متزوِّجا من تشانيول يوما, دليل يذكِّره تشانيول اللطيف ذو السادسة عشر من عمره, تشانيول الذي أخبره بأنَّهما لن يكونا إلا لبعضهما إلى الأبد.

من المؤلم الإعتراف بذلك, أنَّ هذا الخاتم لم يعني شيئا سوى عقد رخيص لجمع الأموال, و أنَّ تشانيول نسي كلماته اللطيفة هذه حقَّا, أو ربَّما لم يكن يعنيها منذ البداية,

تشانيول كان يبتسم كثيرا, و يضحك بصوت عال جدَّا, صوت ضحكاته يكون أعلى حين يُلقي نكتته هو,
بيكهيون يذكر أن زوجه كان سعيدا يوما ما, قبل أن يستلم إدارة شركة والده, و قبل أن تظهر تلك الحكاية المزيفة التي إبتدأت بإسميهما مكتوبين معا.
لن تكون هناك نهاية سعيدة لهذه الحكاية, لأنَّه في النَّهاية, بيكهيون لن يكون أكثر من الفقير الذي أحبَّ الأمير,

كاي نظر إليه بتعابير ثابتة, حاجبيه معقودين و شفتيه متقوِّستان في تعبيسة خفيفة,

يال وقاحتي, فكِّر الأقصر في نفسه, ما كان عليه أن يزعج الآخرين بمشاكله, وجب عليه أن يغلق فمه فقط و ألَّا يتفوَّه بشيء,
و عندما فتح فمه للإعتذار اوقفه الأطول بسرعة “لا تعتذر, لا أريد أن أسمع إعتذارك من أجل شيئ كهذا, أبدا ..“

“أعـ أعلم بأنَّنا لسنا مقرَّبين من بعضنا جدَّا, لكن .. إن أردت شخصا لتتحدَّث معه, فتذكَّر بأنَّـ ني موجود … إن أردت التحدُّث طبعا, إن لم ترد, فـ لـ لا تفعل”
كاي لم يكن يريد سماع كلمة آسف من شخص يبتسم بهذا الحب فقط عندما ينظر إلى خاتمه,
لا يجب عليه أبدا الإعتذار عن إعطاء حبه لأحدهم يوما,
أن تحب أحدا ليس شيئا تأسف عليه مطلقا
“أريدك أن تتناسى مشاكلك طيلة فترة بقاءك هنا,

قد لا أبدوا لك قويَّا, لكنَّني عكس ذلك تماما, أستطيع قتال خمسة حرَّاس شخصيِّين و التخلُّص منهم بسهولة, صدِّقني,
لا تخف علي إذا ما إكتشف زوجك أمر بقائك معي, هاه ؟؟”
قال بمزاح قارصا وجنتي الأقصر بأصابعه ليكوِّن إبتسامة على شفتيه, محاولا بذلك التخلُّص من الجوِّ الثقيل الذي أحاط بالغرفة,
كاي لا يريد من يومهم ان يبدأ بهذه الطريقة, و هو بالتأكيد لن يسمح له بأن ينتهي بهذه الطريقة أيضا
“عليك أن تستمتع في هذا المنزل, لا تفكِّر بالإشياء التي تحزنك هنا و لا تقم بفعل أيِّ شيء, حسنا ؟؟ إعتبر هذا هديَّة مني تعويضا عن كلِّ المرَّات التي أزعجتك بها في الحانة,“

بيكهيون فكَّر بالأمر, ستكون من الوقاحة إن تجاهل طلب هذا الرجل الآن, كاي كان كريما بما فيه الكفاية لأن يسمح له بالنوم في غرفة على سرير دافئ, لأنَّه كان سيشعر بالرضى لو قدَّم له وسادة و بعض الأغطية فقط,
هذا الرجل الذي يملك شعر رماديا بجذور سوداء بدى مخيفا في البداية, لكن بيكهيون لم لعد يظن ذلك بعد الآن,

“أنت لم تزعجني أبدا,”
نصف كذبة,

“أ حقا تقول ذلك؟ بعد أن كنت تهرب مني كل مرة حاولت التحدُّث معك ؟”
و هذه لم تكن حقيقة كاملة أيضا, فهو لم يهرب منه كلَّ مرَّة

“لكنَّك لم تحاول بدأ حوار طبيعي معي أبدا,“

“و هذا صحيح أيضا,”

بيكهيون لم يستطع التحكُّم بالضحكة التي هربت من فمه, لم يضحك بهذه الطريقة منذ مدَّة طويلة جدَّا, كلُّ ما يذكره طوال الأربع سنوات الماضية هو عدد المرَّات التي قام بها بطهو الطعام من أجل تشانيول الذي لم يكلِّف نفسه عنائ تذكِّر ذكرى زواجهم و لو لمرَّة واحدة,

“ما رأيك بأن نبدأ من جديد,” قال الأطول بحماس و أعين لامعة, ثمَّ بسط يديه أمام الآخر, “مرحبا, أنا كاي, سعدت بالتعرُّف إليك,“

قهقه الأقصر بخفَّة قبل أن يفعل المثل ليأخذ يد الآخر في مصافحة بسيطة
“و أنا بيكهيون, شكرا لإستضافتي في منزلك, كاي ..“

“حسنا بيكهيون, هلَّا وافقت على تناول العشاء مع شخص تعرَّفت عليه للتو ؟؟“

تقنيَّا, هما تناولا الطعام سويَّا ليلة أمس, لكن في غرف منفصلة,

لأن كاي شعر بالتوتُّر و لأول مرَّة منذ مدَّة طويلة ساعتها, فـ على الرغم من حبُّه و ثقته بالطعام الذي خدمة الغرف, إلا أنَّه أراد أن يجعل بيكهيون مرتاحا جدَّا في إقامته هنا,
و ربَّما, فقط ربَّما سيفضِّل البقاء معه إذا ما أحبَّ الطعام على الأقل,

هذه هي المرَّة الأولى التي يستضيف بها أحدا في منزله, أحدا ليبقى فيه لوقت أكثر منذ بضع ساعات غير مينسوك على الأقل,
و الحقيقة الأخرى هي أنَّ هذه هي المرَّة الأولى التي يدخل بها إلى منزله منذ ما يقارب الشهرين, لأن غرفته الصغيرة في خلفيَّة حانة سوهو كانت تعجبه أكثر من الشقَّة الكبيرة جدَّا و التي دائما ما تجعله يشعر بالوحدة.

“إذا سمحت لي بتحظيره, فهذا أقلُّ ما يمكنني فعله تعبيرا عن إمتناني.”
شرط الأقصر فاجئه قليلا,
حسنا, ربَّما كثيرا .. لكن هناك سبب مقنع لذلك,
كاي ليس معتادا على أن يطلب منه احد فعل شيء ليُسعده, أو أن يُردَّ له جميل قام بفعله من تلقاء نفسه من قبل ….

.

.

.

.

وقت العشاء, كاي لم يشعر بمثل هذه الإثارة من قبل …
صوته بقي متردِّدا في أذن الأقصر و لسانه لم يتوقَّف عن الحديث أبدا, مأخود جدَّا بحقيقة وجود شخص معه و لأوَّل مرَّة ليتبادل أطراف الحديث,
بيكهيون بقي صامتا, و لم ينزعج أبدا من الطريقة السريعة التي يأكل بها الأطول طعامه,
في لحظة ما خلال العشاء, ظن كاي بأن حديثه كان مملا و مزعجا ليعتذر عن ذلك مباشرة, لكنَّ بيكهيون طمأنه قائلا بأنَّ حديثه لم يكن مملَّا و أنه مستمتع جدَّا بكلامه لدرجة أنَّه لا يعرف ماذا يقول,

هذه كانت المرَّة الأولى التي يسمع بها أحدا يمدح الطعام الذي يصنعه, و الأقصر لم يعرف يوما بأنَّه سيتأثر عندما يرى أطباق الطعام الذي صنعه فارغة,
و حين بدأ يغسل أطباق الطعام لم يكن أبدا ممتنا للمياه الجارية بقدر هذه المرَّة, لأن صوتها سمح له بأن يخفي صوت تردُّد شهقاته الخفيفة, و التي توقَّفت تماما عندما عاد كاي بكأسين من حلوى الجيلي,

قد يكون هذا أسعد يوم في حياة كاي, على الرغم من أنَّه أقتصر على تناول الطعام و المزيد منه فقط بينما يشاهدان مجموعة افلام الأكشن خاصَّته, و التي تبيَّن لاحقا بأن سيهون قام بإستبدالها جميعا ليضع مكانها مجموعة خاصًّة بأفلام الفتيات,

لكنه لم يمانع هذه الساعات القليلة من عدم الراحة و الملل لأنَّ الإبتسامة التي كانت منتشرة على وجه الأقصر إستحقَّت أكثر من ذلك بكثير,

و في منتصف الفيلم, تذكَّر الأسمر الخاتم الذي يحيط بإصبع الأقصر, و لم يصدِّق بوجود أحد قد يضحِّي بمثل هذه اللحظات من الهدوء و السكينة, بل لا يُصدق أنَّ هناك من هو مستعُد لأن يترك شريكه في كلِّ يوم فقط من أجل العمل و المزيد منه,
صديقه تشانيول هو الشخص الغبي الأول الذي خطر على باله,
لكنَّه تذكَّر زوج بيكهيون لاحقاً, ليراهن بأنَّه سيحصل على لقب أغبى رجل في العالم لتركه ليذهب وحيدا هكذا,

لو كان الأمر بيده, لحاول قدر الإمكان ان يتهرَّب من العمل فقط ليبقى مع من يحبُّ طوال اليوم, يساعده في المطبخ, يطهو الطعام معه ليستغِّل كلَّ لحظة في حياته ليكون بجانبه,

لأنَّه إن خطط لأن يتزوَّج في يوم من الأيَّام فسيختار الشخص الذي سيريد رؤيته في كلِّ يوم, الذي سيوافق على البقاء معه لما تبقَّى من حياته,
الشخص الذي سيجعله سعيدا فقط لأنَّه وافق على البقاء معه,
فهذا هو ما ينصُّ عليه عقد الزواج, أ ليس كذلك ؟؟

أن تجعل من العالم كلِّه يعلم بأنَّه إخترت هذا الشخص ليكون ملكك و معك و لك إلى الأبد ؟؟

من المحزن كيف أن بعض البشر يتوقَّفون عن حبِّ بعضهم, ليتيقَّنا في منتصف طريق حياتهم انَّهما لن يستطيعا إكمال المسيرة سويَّا,

و لما تبقَّى من الليلة, عقل كاي لم يتوقَّف عن التفكير بهذا الخاتم أبدا,
هذا غريب, اعني …
لا يجب عليه التفكير به, لأنَّه ليس معنيا بكلِّ ما يحدث مع بيكهيون,
صحيح ؟؟

لكن … هل هذا غريب حقَّا ؟؟

فهناك ذاك الجزء الصغير منه يتمنَّى فقط لو يفكِّر به الأقصر و لو بنصف الكمِّ الذي يفكِّر هو به,
بل سيكون سعيدا جدَّا لو أنَّه يفكِّر به كشخص أكثر من الرجل الذي أعطاه مأوى و لو للحظة واحدة.

الشريك الذي إرتبط بـ بيكهيون كان غبيَّا جدَّا لأن يتركه,
فهل من الخاطئ أن يتمنَّى كاي بأن يصبح جزءا من حياته ؟؟, كالشخص الذي سيبني معه مستقبله ؟؟

*

*

*

*

*

*

“أ لم يكن ما قلته واضحا, أبي ؟؟“

تشانيول كان يشتعل غضباً عندما دخل مكتب والده دافعا الأمينة الخاصَّة عنه بالقوَّة بعد أن ضلَّت واقفتا في طريقه تأبى الحراك, يا لها من كاذبة, لم يكن هناك أيَّة إجتماع في المكتب, المكان خال تماما من أيِّ شخص عدا والده …
خدعة رخيصة لتبعده عن والده المخادع و الكاذب أيضا, حين أخبره بأنَّه لن يتدخَّل في زواجه مطلقا, فقط ليجد أحد بنات شركائه في العمل تنتظره داخل غرفته,

“أجل, أجل بالتأكيد … الطريقة التي عاملت بها نانا جعلت كلَّ شيء أوضح من الشمس,”
أجابه والده بهدوء و رويَّة, و كأن وَلَده لم يقتحم مكتبه بالقوَّة للتوُّ مع ضوضاء كافيَّة لأن يجعل من معظم المقيمين في الطابق يلحقون به,
“أريدك أن تقابل دارا في الخميس القادم, حدَّدت لك موعدا لكي __“

“لن أقابل أيَّ أحد !!”
صرخ تشانيول بالمقابل, لقد ذاق ذرعا من تصرُّفات والده المزعجة و تدخلاته اللا متناهية,

“أسلوبك غير المتحظِّر هذا عقبة سهلة, نستطيع تجاوز ذلك,”
أجاب الوالد بعدم إهتمام لصراخ ولده, محاولا تغيير الموضوع أو تجنُّبه و تشانيول لم يعد يستطيع إحتمال كلِّ ذلك,

“أنا لن أسمح لك بإنهاء زواجي كما تحب, و لن أكون زوجا لشخص آخر   !!..“

أخرج والده تنهيدة طويلة و مستاءة, تماما كما يفعلها دائما
“زوجا, هاه ؟؟ إذا أخبرني, أين هو ذالك الشريك الذي تتحدَّث ؟؟ بيكهيون لم يطأ أرضية منزلك منذ ثلاث شهور,
أضن بأن هذه مدَّة كافية جدَّا لأن تفهم بأنَّه لا يخطط للعودة مجدَّدا“

و ما هي الثلاثة أشهر بالمقارنة مع السنوات الخمس التي إنتظره بها بيكهيون ؟؟ عدد الليالي التي يقضيها هو وحيدا فوق سريره لا تقارن أبدا بعدد الأيَّام التي ترك بها زوجه وحيدا,

تشانيول كان سيغادر, لو وُضع يوما في محلِّ بيكهيون  …
لو كان هو مكان بيكهيون لما إستطاع تحمُّل البقاء مع نفسه مطلقا …

الوريث كان معتادا على وجود الآخر في حياته لدرجة أنَّه نسي بأن الخيار كان دائما بيد بيكهيون,

لم يكن بيكهيون هو من سرق حريَّته, بل تشانيول نفسه هو من سرق حريَّة الآخر, عندما أقسم بعهده أمام الجميع, فقط لأنَّه ضنَّ بأن والده سيفخر به إذا ما فعل ..

“سأختار بيكهيون دائما, ابي … سواء كان ذلك قبل عشر سنوات من الآن أو بعده بعشر سنوات أخرى, سواء كان موجودا بجانبي أو بعيدا في مكان آخر, سأختاره, و سأنتظره حتى يعود ..”
أجاب والده بصوت واضح و عال بما يكفي لأن تسمعه الأمينة الواقفة أمام باب المكتب, بل عاليا بما فيه الكفاية لأن يسمعه جميع المتطفلين في الطابق,

ما كان عليه أن يصدِّق الجميع حين نادوا بيكهيون بالمخادع .. ما كان عليه أن يشكَّ بالفتى الذي قابله عندما كان في السادسة عشر من عمره حين قال الجميع بأنَّه هنا من اجل الحصول على نقوده فقط,
بيكهيون كان صادقا و لطيفا معه منذ البداية, و الإبتسامة لم تكن صعبة على وجهه أبدا حتى قبل أن يعرف هويَّة تشانيول و ثروته.

لكن الأسوء من كلِّ ذلك, هو عندما سمح للآخرين بإيذاءه,
عندما حبسه في القصر الكبير لوحده, في حين كان بإستطاعته دعوة جميع أصدقاءه ..
كان يجب عليه أن يعطي للآخر حريَّته, عوضا عن جعل حياته تحوم فقط حول وجوده داخل القصر.

“ستغيُّر رأيك عاجلا أم آجلا, بني, لأنَّك لن تجده أبدا ..”
ردَّ الوالد بسخرية,

و لم يجفل عندما إلتقت كفوف ولده بسطح المكتب بقوَّة, محدثة صوت إرتطام مخيف,

“إيَّاك و أن تلمسه !!“

“أ نسيت بأنني أنا من أعطاك أيَّاه, يا حضرة ’الزوج’ ؟” ضحك بسخرية “كملكيَّة رخيصة من أجل الشركة,“

ملكية رخيصة فقط ..
لكم يتمنى تشانيول لو أنَّه يستطيع إنكار ذلك و القول بأن بيكهيون أكثر من مجرَّد ملكيَّة رخيصة وافق على أخذها فقط من اجل عقد مربح للشركة
لكن إن فعل فستتعارض أقواله مع الطريقة عامل بها الأقصر ..

تشانيول لم يفكِّر أبدا بمناداة بيكهيون كزوجه في أيِّ مكان خارج العمل,
بل جعل منه لقباً للشخص الذي كره العودة للمنزل من اجله,
و إسما للرقم الذي لن يجيب عليه مطلقا في الهاتف,

و عندما تيقَّن بأن هذا اللقب من المفترض ان يصوِّر الفتى ذو السادسة عشرة الذي توقَّف امامه بأعين لامعة, باسمة و سعيدة .. مرتديا بدلة واسعة جعلته يبدو في الحادية عشر من عمره, كان الأوان قد فات …

تشانيول يذكر الوعد الذي قطعه في ذلك اليوم عند نهاية الممشى, كان من المفترض عليه أن يفي بكلمته و يصبح الزوج الذي وعد أن يكون عليه وقتها .. لأنَّه لم يحبَّ أبدا الأشخاص المتنمِّقين الذين يرتدون ثيابا غالية, لأنَّه عمل جاهدا من أجل أن يصل إلى تلك النقطة .. أن يكون بجانب الأقصر,

لطالما كان من أجله, كلُّ شيء فعله كان من أجل بيكهيون فقط,
لكن انانيَّته منعته من رؤية ما كان جميلا, ليقوم بلفِّه و رميه خارج حياته مدمِّرا بذلك المعنى الحقيقي للكلمة التي جعلت من قصَّتهما حقيقة,

“يؤسفني أن تُحال الأمور إلى هذا الطريق, أنا حقَّا آسف”
تشانيول إستطاع سماع النغمة السعيدة المستفزَّة في صوت والده حين حرَّك يده ليفتح بها أحد أدراج مكتبه, و يخرج ظرفا باللون البني,
لكن الإبتسامة لم تظهر على محياه حتى أوصل الملف إلى حافَّة الطاولة بالقرب من الأطول
“مالذي سفكِّر به الإعلام عندما يكتشف بأنَّ بيكهيون هرب من منزله, تاركا زوجه المحبَّ وراءه ؟؟“

داخل الظرف, توجد مجموعة من الصور .. جميعها لـ بيكهيون.
إحداها تحمل صورته مع الحقيبة الحمراء التي لم يعلم أحد بأنَّها هديَّة من والدته حتى تمَّ إيجاد الرسالة المخبَّأة داخل أحد جيوبها المخفيَّة,

تشانيول تعرَّف على بعض الأماكن من الصَّور, خاصَّة تلك التي كانت في البداية,
و شعر بأصابعه ترتجف بخفَّة, حين جالت في باله أمنية غبيَّة .. لو يستطيع الأقصر أن يتجسَّد من هذه الصور ليظهر أمامه الآن,

بيكهيون يبدو نحيفا جدَّا في بعضها, و متعباً جدَّا أيضا,

وهو إحتاج لأن يسيطر على أصابعه لألَّا تحمل هذه الصور بقوَّة قد تؤذيها,
عليه أن يحملها برفق, يجب عليه ذلك لأنَّه لم يستطع فعله من أجل بيكهيون الحقيقيِّ,

لو أنَّه غادر المطعم مبكِّرا, لربَّما كان سيستطيع اللحاق بالأقصر قبل أن يهرب,
لربَّما كان سيستطيع أيقافه و طلب المغفرة منه … تشانيول كان مستعدِّا لأن يعطيه أيَّ شيء, سيفعل أيَّ شيء من أجل إبقاءه و منعه من الذهاب ليبيت في فندق رخيص مقيت,
لن يتجاهله بعد الآن, سيجيب على كلِّ مكالماته الهاتفية, سيلغي جميع إجتماعاته و خططه من أجل قضاء الوقت معه, لن يأتي بمزيد من الأعذار أبدا, لأنَّه نضج أخيرا و قرَّر أن يتغيَّر ..

الصورة الوحيدة التي إختلفت عن البقيَّة كانت الصورة الأخيرة, تلك التي يقف بها بيكهيون مع حقيبته الحمراء بجانبه, الأخير كان يبتسم بها, حتى لو كانت إبتسامة خفيفة, إلَّا أنَّها كانت واضحة على شفتيه,

تشانيول إلتقط هذه الصورة بين أصابعه ليمزِّقها إلى نصفين, و يفصل بذلك الشخص المعروف بزوجه, عن الرجل الآخر الذي كان يقف بجانبه,

ياله من فخ تافه, فكَّر في نفسه ..
تشانيول لن يلتقط هذا الطعم الرخيص الذي ألقاه والده للتوِّ

“سأصدِّق ما يخبرني به بيكهيون فقط,“

إنه يشعر بندم فضيع, لو أنَّه فكَّر بكل ذلك قبلا, لو أنَّه توقَّف قليلا ليفكِّر بأفعاله, لما كان بيكهيون سيعاني من زوج جاهل لا يعرف مالذي يريد فعله.
لقد كان مشغولا جدَّا بمحاولة إرضاء والده لدرجة أنَّه تغاضى عن جميع الأمور الاخرى في حياته, حتى المهمَّة منها,

“أنت تعلم بأن الإعلام لن يحتاج شهادته,“

إستقام تشانيول ليفرد طوله بثقة,
لم يعد هو نفسه الفتى الصغير الذي لا يطمح لشيء سوى الحصول على فخر والده به, الإعتراف به كشخص جدير بالثقة و العائله,
لكنَّه يعلم الآن بأنَّ والده لم يعترف بوجوده في هذه الحياة إلا لأنَّه يتشارك معه بإسم العائلة,

تشانيول لم يكن سوى ’وسيلة’ بالنسبة لوالده, عقد عمل آخر, شخص يحتفظ بجميع أمواله و ثروته بعد ان ينتهي زمنه في هذه الحياة,

الرئيس ’بارك’ لم يكن شيئا سوى ’رجل أعمال ناجح’ ..
و لم يحاول يوما أن يصبح ’والدا حقيقيَّا’,

الأمر المحزن هو ليس هرب الأقصر منه, بل حقيقة أنَّه أمضى حياته كلَّها في المحاولة بان يكون إبنا جيِّدا لهذا الرجل الذي لن يعترف به كإبن له مطلقا, عوضا عن الوفاء بوعده بأن يكون الرجل الذي أراد أن يكون عليه,

“صحيح, و اعلم أيضا بأنَّك تحتاجني في هذه الشركة,”
أجابه بصوته العميق الذي إزداد ثقة بعد أن تيقَّن كلَّ الأمور التي جرت من حوله,
“إذا بقيت مصرَّا على التدخُّل بحياتي, أو إيذاء من أحب,
فمن الأفضل أن تنسى بأنَّ لك إبنا ليحمل إسم شركتك بعدك“

*

*

*

*

*

*

*بييب’لديك رسالة صوتية واحدة’بييب*

كاي ! أيَّها المشاغب !! ماذا تعني بأنَّك أخذت بيكهيون معك إلى المنزل ؟ هاه ؟ أيُّها الـ ..!
لكني لم اتَّصل من أجل ذلك.

لا تأتي إلى الحانة اليوم, حسنا ؟؟
و بيكهيون أيضا .. لا تجعله ياتي إلى هنا.

لا أصدِّق بأنَّني سأقول ذلك … لكنني أضن بأنَّه من الأفضل أن يبقى معك لبعض الوقت,
كن قريبا منه دائما,

مهلا لحظة, لا … لا تقترب منه أبدا, لكن لا تدعه يبتعد عن ناظريك,

إلهي, مالذي أقوله الآن ــ ؟؟

سأشرح لك لاحقا,

إتَّصل بي حالما تستيقظ, مفهوم ؟؟

*بييب’إنتهت الرساله’بييب*

*

*

*

*

*

*

بيكهيون تعلَّم الكثير عن مضيفه في اليومين الماضيين.

مساء أمس, كاي أخبره بأنَّه يحب الكلاب كثيرا, خاصَّة الجراء منها .. لكنَّه لم يستطع إحظار واحد لأنَّه ليس في المنزل في معظم الأوقات,
لكن بيكهيون فكَّر فيما لو ان الأطول غيَّر رأيه لاحقا, فهو سيكون مسرورا جدَّا للإعتناء بصغير الكلاب اللطيف معه,
أراد أن يكون صديقا مقرَّبا منه, و بداخله,
كان هناك إحساس غريب بأنَّه و كاي كانا صديقين في أزمان أخرى,
فقد شعر بإرتباط غريب معه,
الحديث معه سهل جدَّا و ممتع دائما .. و الأقصر لم يمانع الإستماع إلى قصصه طوال الأيَّام المسبقة,

و ربَّما, بيكهيون شعر بهذا الإرتباط معه فقط لأنَّه يفهم الوحدة التي من الممكن أن يبعثها قصر واسع جميل, مثله تماما,

كاي يحبُّ الحفلات كثيرا, يحبُّ ان يجتمع بالكثير من الناس حوله لكن مع ذلك, كان شخصا خجولا لا يحبُّ أن تكون الأضواء مسلَّطة عليه دائما
على الأقل في معظم الأحيان كان كذلك,
في الحقيقة, بيكهيون وجد صعوبة في تصديق الأمر, لأن الأسمر بدا من النوع القوي ذو شخصيَّة منطلقة و شجاعة تستطيع تحدِّي العالم إذا ما أرادت ذلك,

سيتطلَّب الأمر شخصا شجاعاً    لأن يتجرأ و يأخذ شخصا غريبا معه إلى المنزل,

معلومة أخرى كانت عن شعره الرمادي, فهو من أجل العمل فقط, و ليس لأنَّه يحبُّ المشاجرات و إفتعال المشاكل,

بيكهيون يضنُّ بأن عمله كعارض أزياء ملائم جدَّا له, يجب على العالم أن يرى وسامة هذا الشخص أمامه,

لكن كاي لم يتحدَّث عن عائلته أبدا, ربَّما لم يكن هناك الكثير ليتحدَّث عنه … و الأقصر يتسائل ما إن كانت جميع العوائل الغنيَّة متشابهة,
عقود عمل, جدول مزدحم, سفرات دائمة خارج و داخل البلاد …
ربَّما شعور الوحدة بين أفراد الطبقة الراقية من المجتمع أمر سائد حقَّا,

في صباح اليوم التالي, بيكهيون وجد الآخر مستيقظا قبله بالفعل, و جالت في باله فكرة,
ربَّما الأطول يريد أن يُمضي المزيد من الوقت معه, كما يريد هو,
من الجميل أن يقضي الوقت برفقة أحد طوال اليوم, و لا يفعل شيئا سوى الإستمتاع بوقته أمام التلفاز ليضحك على هذا البرنامج و يتفاعل مع ذاك,
هذا تغيير لطيف ..
بالتأكيد أفضل من قضاء ساعات الليل في إنتظار مكالمة هاتفيَّة من شخص لم يفكِّر به مطلقا,

لكن كلَّ شيء ينتهي اليوم,
لأنَّه في مساء الأربعاء, عاد إلى واقعه مجدَّدا, حيث ما يزال يرتدي الخاتم بإصبعه, و ما يزال هو, بيون بيكهيون, الفتى الذي تمَّ إلتقاطه من عائلته بالقوَّة من أجل أن يُستعمل كـ عمود ليُبنى به قصر زوجه,

مساء الأربعاء يعني نهاية الحلم الهادئ الذي كان يعيشه,
تيقَّن من ذلك حال وصلا إلى المكان ذاته الذي يركن به الأطول سيَّارته دائما,
و منذ هذه اللحظة, على بيكهيون أن يترك اللحظات السعيدة التي عاشها داخل القصر لتبقى مجرَّد ذكريات سعيدة,

“شكرا لك,“

“إيَّاك و أن تهرب مني مجدَّدا, مفهوم ؟؟”
ضحك الأطول قليلا ريثما يطفئ محرِّك سيَّارته,
“سأخرج لك الحقيبة,“

بيكهيون أوقفه بسرعة نافيا برأسه
“لا تفعل, أستطيع القيام بذلك,“

الأسمر قام بمساعدته بالكثير من الأشياء بالفعل, لن يسمح له بالقيام بفعل بسيط كهذا,
حتى و إن لم يكن بسيطا,
بيكهيون لن يسمح بفعل أكثر مما قدَّمه له حتى الآن
“أنا لست عاجزا لهذا الحد,“

“عاجز ؟؟ لا … هذا ليس ما قصدته, الأمر فقط …
سوهو إتَّصل بي صباح اليوم و أخبرني بأن أبقيك بعيدا عن الحانة,“

“أ أنا مطرود من العمل ؟؟”
سأله الأقصر,

بيكهيون لم يكن يعرف شيئا عن أنواع المشروبات التي تقدَّم في الحانات أو عن الحانات نفسها, لكن سوهو سمح له بالعمل معه لأنَّه كان محتاجا لأيِّ عمل وقتها, و أخبره بأنَّه مستعِّد لأن يتعلَّم أيَّ شيء ..

“مطرود ؟؟,” نفى الأطول برأسه “لا, لا … سوهو لن يفعل شيئا كهذا بك, في الحقيقة,
إنَّه يحبُّك كثيرا,“

إنَّه لا يفهم, إذا لماذا ؟؟ مالذي يريده منه مالك الحانة إن لم يكن من أجل العمل ؟؟ كيف سيحصل على النقود إن لم يعمل ؟؟
فهو لا يملك مكانا ليبيت فيه, و لا نقود كافية لأن يستأجر شقَّة صغيرة,
مالعمل ؟؟ .. هل حقَّا سيصبح مشرَّدا دون مأوى ؟؟

“أنت فقط … عليك أن تبقى بعيدا عن ‘Lady Luck’ اليوم ..“

“لماذا ؟؟ هل قمت بفعل شيء خاطئ ؟؟ هل كسرت شيئا ثمينا في الحانة ؟؟”
بيكهيون سأل, اليأس واضح في صوته,

لربَّما عليه أن يبيع القليل من ممتلكاته, قد يحصل على بعض النقود منها,
لكنَّه لم يحظر الكثير معه منذ البداية, بل ما يكفي لأن يملأ الحقيبة الحمراء فقط,
هذه الحقيبة كانت الشيء الوحيد الذي حصل عليه من والدته و الذي أثبت له بأنَّ عائلته ما تزال بخير,
بيع هذه الحقيبة كان شيئا مرفوضا تماما, مثل رغبته بخلع خاتم تشانيول من إصبعه,

“إستمع إليَّ أولا, لا أعرف كيف سأشرح لك الأمر, لكن …
أحدهم جاء ليبحث عنك صباح اليوم,”
بدأ يشرح, ريثما يمرِّر يده عبر خصل شعره الرمادي بقلَّة حيلة,
“سوهو أخبرني بأنَّه سبق و أن رآهم يتجوَّلون بالقرب من المبنى, و قال بأنَّه لم يستشعر خيرا من وجودهم …
حدسه مصيب دائما, فإذا كان سوهو قلق على سلامتك … أستطيع إخبارك بأنَّني قلق عليك أيضا,
أنت لا تستطيع دخول الحانة اليوم للإحتياط فقط, خوفا من هؤلاء الغريبين لا غير, عليك فقط أن تبقى بعيدا و تثق بي,
على الرغم من أنَّ يومين فقط لن يكونا كافيين حتى تستعيد ثقتك بي لكن أنا ..“

“هناك من يلاحقني ؟؟ أحدهم يحاول التربُّص بي ؟؟“

“هذه شكوكٌ فقط, لا نعلم ما إن كانوا يريدون أذيَّتك ام لا, لكن … سوهو يريدك أن تبقى في برِّ الأمان بعيدا عنهم, و أنا أريد ذلك أيضا ..“

أطلق بيكهيون نفسا عميقا ريثما يفسح المجال لعقله بأن يسرح كما يشاء …
من هو هذا الشخص الذي يبحث عنه ؟؟ والد تشانيول ؟؟ أحد أتباعه ؟؟ هل حقَّا يعرفون أين هو ؟؟
هل تشانيول يعرف أين هو ؟؟ هل يحاول البحث عنه حقَّا ؟؟

“أخبرتك بأنني لن أفتح الموضوع طالما لا ترغب بالحديث عنه, لكن, بيكهيون … أنا حقَّا أهتم لأمرك, لذا …
لو أن شريكك آذاك يوما, أو لو أنَّه يملك السلطة التي تخوِّله لأن ..“

“لالا … هو لم يؤذني قط, بل لم يحاول أذيَّتي قبلا”
بيكهيون نفى مسرعا, لأن تشانيول لن يبعث أحدا ليحاول التخلُّص منه في حين أنَّه لم يتكبَّد عناء البحث عنه حتى,
تشانيول لن يفعل شيئا كهذا له, على الأقل هذا ما يعتقده الأقصر,
شريكه لم يعد هو الشخص السعيد ذاته الذي يعرفه, لكنَّه … “لن يفعل ذلك أبدا“

“أنت واثق مما تقول ؟؟ أ لم يفعل شيئا لإخافتك يوما ؟؟” سأل الأسمر ليتنهَّد بعد أن إستقبله الصمت من الطرف الآخر,
“بيكهيون, اجبني … هل يخيفك ؟؟“

بيكهيون لم يكن خائفا من تشانيول, بل كان خائفا أكثر من أن يتمَّ إستخدامه كوسيلة لأذيَّته,
فمهما كان مهملا, تشانيول سيبقى عائلته الوحيدة, الشخص الذي يحبُّه و يتمنَّى أن يمضي ما تبقَّى من حياته معا,
و هو يعرف جيِّدا كمِّية الجهد و العرق الذي بذله الأطول, و عدد السنين التي إستغرقها من أجل أن يوصل الشركة إلى ما هي عليه الآن,

قد لا يكون بيكهيون الشخص المناسب من أجل البقاء بجانبه, لكنَّه لا يريد أبدا أن يكون السبب في تحطيم عمل زوجه و سمعته,

“بيكهيون, أ يشكِّل خطرا عليك ؟؟“

“لا, شريكي لن يؤذي أحدا, في الحقيقة … هو  لم يكن يأتي إلى المنزل بتلك الكثرة لأن يفكِّر بأذيَّتي,” تمتم الأقصر في النهاية, بعد أن وجد صوته الذي فقده أخيرا,”هربت من المنزل لأنَّني لم أستطع أن أكون سببا في سعادته,
إكتشفت بأنَّه لن يجد سعادته أبدا إن بقيت موجودا حوله .. فهربت“

“هل هو ..”
بدأ بتردُّد, محاولا إختيار كلماته بدقَّة كبيرة ريثما بتطرَّق إلى موضوع حسَّاس كهذا,
كاي بذل جهده لأن يتجنَّب الحديث به, لكن إن كانت سلامة بيكهيون تتعلَّق بخروجه من هذه السيَّارة فهو مستعِّد لأن يتنازل عن كلمته,
“أفهم مما قلته أنَّ زوجك غنيِّ, و إذا كان فاحش الثراء إذا هذا يعني أنَّه شخصيَّة مهمَّة, صحيح ؟؟“

بيكهيون اومأ, حركة خفيفة فقط لأن يثبت ما قاله لا غير و إلتزم الصمت بعدها,
لا يريد أن يقول أكثر من ذلك خوفا من أن يصل الحديث إلى السيِّد بارك, أو شركة معادية له,
إن كان صمته هو الطريقة الوحيده التي يستطيع إستعمالها ليبعد تشانيول عن الخطر, فهو مستعِّد لأن يبقى صامتا لما تبقَّى من حياته,

لا بأس إذا ما غادر بهذه الطريقة, بيكهيون ذكَّر نفسه دائما بأن تشانيول لم يكن يريد بقاءه أبدا, و أنَّه لم يكن يستحق تشانيول أصلا,
بيكهيون هرب من أجل الأطول لا غير, من اجل أن يعيد إليه الحريَّة التي فقدها بوجوده,
لا يجب عليه أن يشعر بالسوء على فكرة هروبه, و لا يحقُّ له أن يحزن على فكرة أن يتمَّ إستبداله ببساطة أيضا,

“بيكهيون …. آآآآه, جدِّيا ؟؟” هسهس بقلَّة حيلة قبل أن يقوم بتشغيل محرِّك السيَّارة مجدَّدا,

نظر إليه الأقصر بعيون متفاجئة, ثم دفن جسده فوق المقعد اكثر عندما لاحظ إقتراب الآخر منه,
كاي أعاد حزام الامان فوقه مجدَّدا ليعود إلى مكانه أمام عجلة القيادة محاولا إخراجهم بعيدا عن المكان,
“مـ مهلا لحظة, مالذي تفعله ؟؟“

“سوهو أخبرني بأن أبقيك معي, هذا يعني بأنني سأعيدك إلى منزلي.

لن أنتظر حتى تتعرَّض للأذى قبل أنـ …“

“إذا ماذا عنك ؟؟” ردَّ عليه الأقصر بخشونة عندما تذكَّر أن كلَّ ذلك بدأ بقدوم رجل طويل ببذلة سوداء إلى بيته الصغير “ماذا لو تعرضت أنت للأذى ؟؟“

والدته أعطته إلى أناس غرباء ببساطة, هذا صحيح ..
لكنَّها لم تتخلَّى عنه, السيِّد بارك هو من حرص على أن لا يكون هناك أيَّ إتِّصال مع عائلته, هو من حرص على محو ماضيه من عقله,
و قد عرف كلَّ ذلك من تشانيول لاحقا, عندما وجد الرسالة المخفيَّة داخل حقيبته الحمراء,
شقيقه كتب كثيرا من الرسائل لأنَّ والدته لم تعرف الكتابة, لكنه لم يحصل سوى على هذه,

بيكهيون لا يريد المزيد من ذلك,
لا يريد المزيد من الشجارات, لا يريد المزيد من المشاكل,
لا يريد التفكير بما كانت ستؤول إليه حياته لو أنَّه بقي مع عائلته, لو أنَّه بقي مع تشانيول,
يريد أن يترك شقة الأسمر لأن التخلِّي عن يومين فقط أسهل بكثير من التخلِّي عن السنوات الأربع التي قظاها مع شخص بمكانة أكبر في قلبه من حبِّه الأول فقط,
أسهل بكثير من التخلِّي عن العقدين الذين كان من الممكن أن يقضيهما مع عائلته,
كاي هنا لم يعد شخصا غريبا عابرا في حياته فحسب, و بيكيهون أراد أن يبدأ حياة هادئة بعيدا عن كلِّ المشاكل فقط,

إن كانت هذه الرغبة كبيرة جدَّا عليه, فهو لا يريد أن يُدخل أحدا آخر في حياته المبعثرة,

“لا تقلق, بيك … سنكون بخير,“

“لا, لا .. الأمور ليست بخير, و لن تكون بخير هل تفهم ؟؟ هل تضن بأنَّني أريد أن أعيش معك لأعرِّض حياتك و حياة سوهو معك للخطر ؟؟ كيف تريد مني تقبُّل ذلك ببساطة ؟؟“

“لو كنَّا نهتم بأمرنا أكثر من إهتمامنا بك لما جئت لآخذُك بعيدا عن هنا بالقوَّة,“

“إفتح الباب ..”
أمر بصوت بارد, لكن الآخر بادله الصمت فقط دون أن يتحرَّك,
بيكهيون  تلقَّى ذلك كعلامة للرفض ليتحرَّك هو و يفتح القفل بنفسه و يخرج من السيَّارة,

شتم الآخر تحت أنفاسه ليطفئ محرِّك السيَّارة مجدَّدا و يخرج من سيَّارته لاحقا بالأقصر بسرعة,

صحيح بأنَّه أعطاه خيار البقاء معه أو الذهاب لإكمال حياته وحيدا, إلا أن كاي لم يستطع فعل ذلك,
عليه أن يتركه ليُكمل حياته كما يشاء, لأنَّها حياته,

لكن …
بيكهيون لم يعد مجرَّد عامل غريب في حانة صديق شقيقه المقرَّب, بل أكثر من ذلك بكثير,

“أنا لا أهتم بالنفوذ, بيكهيون !! لا أهتم ما إن كنت تريد الإفصاح عن ماضيك لي, أو تركه لنفسك فقط, و بالتأكيد لا أهتم ما إن كان ذلك الزوج الأخرق الذي تتحدَّث عنه ذو مستوى حكومي رفيع, أنا __“

“توقَّف … أنت لا تعرف ما الذي تتحدَّث عنه,”
بيكهيون يشعر بالحرقة تتجمَّع في عينيه, و هو يحاول جاهدا إبعادها,
يريد البقاء, لكنَّه لا يستطيع,
لا يستطيع طلب ذلك منهم,
لأنَّه لا يريد أن يدخلهم في معمعات حياته التي لا نهاية لها,

مالذي سيفعله لو كان الذي يبحث عنه هو السيِّد بارك نفسه ؟؟ هذا الإسم الذي لا يستطيع بيكهيون نسيانه أبدا قادر على فعل أفضع الأمور و أسوءها,

سوهو و كاي كانا كريمين و لطيفين جدَّا معه,
كيف له أن يكافئهما بأن يعرِّضهما لخطر السيِّد بارك البارد,
“لا تعرف شيئا عنِّي,“

كاي بقي صامتا, و بيكهيون يأمل بأنه بدأ يفهم أنَّ هذا لم يكن صحيحا
أنَّه من الغريب جدَّا أن تقدِّم كلَّ هذه الأمور لشخص لم تعرفه سوى لبضعة أشهر,
بيكهيون لا يريد من الوضع أن يكون منطقيَّا أو ذو تفسير مقنع لأنَّه بهذه الطريقة, لن يتألم كثيرا عندما يتحوَّل إلى نقطة عابرة في حياة الأسمر فقط,

“أنت لا تعرف شيئا عنِّي أيضا, بيكهيون .. و ها أنت قلق على سلامتي,“

“أنت كاي …” تمتم بصوت مهزوز هادئ ريثما يحاول مسح الدموع من عينيه بكمِّ قميصه “اخبرتني بذلك مرَّتين,“

“إسمي الحقيقي هو كيم جونغ إن,”
إسمه بدا غريبا على مسامعه, فهو لا يستعمله مطلقا و لا يسمح لأحد بأن يستعمله مطلقا ..
كاي فضَّل بأن يناديه الجميع بإفهو باللقب الذي وضعه لنفسه لن يبالي إذا ما إستعمله أناس غرباء في شتمه … لأنَّهم حينها لن يقصدوه هو ..
و هذا الإسم لم يكن ما يريد أن يذكره بيكهيون بعد أن يذهب,
“أنا إبن مالك شركات ‘K&J’ للإلكترونيات, أملك كمَّا هائلا من النقود لدرجة أنَّني لا أعرف اين يجب عليَّ وضعها,

فإن كانت النقود هي ما تحتاجه لتساعدك في الهروب, او إن كان منزلا هو ما تريد البقاء فيه, انا أستطيع مساعدتك .. لذا بيكهيون أرجوك …

إسمح لي بمساعدتك …“

*

*

*

*

*

*

تشايول بذل جهده لان يكمل حياته بصورة طبيعيه كما في السابق.
حظر اجتماعاته بصورة منتظمة، تحدث بعملية مع جميع شركاء شركته.

مع تحويل كامل الملكية الى اسمه منذ ما يقارب السنة تقريبا، عمل والده اصبح عمله بصورة رسمية الآن.
لابد من ان والده يندم على فعله هذا بما ان العقد يعطي تشانيول كامل الصلاحية في التصرف كما يشاء داخل الشركة، و بذلك تهديده سيكون نافعا اذا ما حاول والده التقرب من بيكهيون ثانية،

لكن مشكلته هي انه لم يعد يعرف ما هي الحياة الطبيعيه بعد الان،

في السابق، اعتاد على قضاء حياته داخل السجن الزجاجي المسمى بمكتبه، حيث يقوم بدراسة العروض مئات المرات حتى تصبح الحروف امامه غير واضحة من شدة التعب،

إعتاد على ان ينهي يومه و هو يحدق بقعر الكأس الفارغ امامه، ريثما يستمع لجونغ إن يحثه على شرب المزيد و المزيد حتى ينسى امر الخاتم الملفوف حول اصبعه.

لكن الآن، حياته تقتصر على الصمت الذي يحيط غرفته لعدم وجود الشخص الذي من المفترض ان يكون نائما على السرير بجانبه، و على احساس الذنب الخانق في صدره كلما تذكر انه قضى طوال حياته وحيدا، لكنه لم يشعر بالوحدة مسبقا كما يشعر بها الآن.

“يا رجل، أ ما تزال معي الآن ؟؟” ضربه سيهون على ساقه بخفة محاولا إثارة انتباهه “أنت هادئ جدا الليلة.“

“اوه اجل. اقصد لا … لقد كنت …”  تشانيول هز رأسه بإعتذار قبل ان يعيد نضره إلى كأسه الممتلئ بالمادة الصفراء، يحدق بالفقاعات الصغيرة و هي تصنع طريقها إلى السطح حتى تختفي و تلحق بسابقاتها، ثم تنهد “أضنني متعب فقط“

“هذا فقط ؟؟ لقد فقدت الاتصال بك منذ شهور من الآن، و أنا متعب هي كل ما سأحصل عليه منك ؟؟“

اذا مالذي يجب عليه ان يقول، متعب هي ادق كلمة لوصف حالته الآن،
انه متعب من النظر إلى المرآة كل يوم ليرى الشخص الذي تسبب بالفراغ الذي يحيط بمنزله كل ليلة،

إنه متعب من انتظار المكالمة التي طال انتظارها لكنها لم و لن تأتي ابدا،

أ يجب عليه ان يقول بأن شريكه هرب من المنزل، تماما كما اخبره الآخرين من قبل ؟
هل يخبرهم بمقدار الألم الذي يسببه كل هذا له، كل هذه الوحشة و الرغبة الشديدة بسماع صوت الشخص الذي يحبه يناديه باسمه مجددا، ليذكِّروه لاحقا بأنه كان يتجاهل كل ذلك قبل سنة من ذلك ؟؟

حتى تشانيول نفسه يشعر بغباء الموقف الذي يمر به.

هو يعلم بأنه يستحق كل هذا الألم الذي لم يتركه منذ يوم ذكرى زواجه الماضي،
إنه يستحق كل ما يمر به الآن لانه كان سببا بأذية بيكهيون في كل ليلة من حياته معه،

تشانيول يعلم بأنه فشل تماما، و انه لمن الممكن ان يكون قد تأخر جدا على اصلاح الامور الآن،

“اجب على هذه المكالمة اذا، ربما سأجد شيئا آخر لأقوله حينها”  تمتم حال رؤيته للضوء المنبعث من شاشة هاتف سيهون للمرة الخامسة منذ قدومه،
ربما ما كان يجب عليه الموافقة على المجيء إلى هنا الليلة، مشاهدة سيهون يقلب الهاتف على الطاولة بدلا من أن يجيب على المكالمة كان كالسكين و هي تنغرس بين رئتيه.

تشانيول يشعر بالدم يغلي في عروقه، لأن المكالمة بالتأكيد من لوهان الذي ما يزال يحاول ان يحظى بالمكالمة الأخيرة مع الوريث الاشقر قبل ان يقوم الأخير بقطع علاقتهما تماما،

محاولا بذلك التمسك ب سيهون قبل ان يتحول إلى شخص آخر من عائلة ثرية أخرى.

هذا يذكره بوضعه قبل سنة من الآن، يذكره بالليالي التي قام بها بخلع خاتمه متعمدا ليضعه في مكان حيث يمكن لبيكهيون ان يراه بوضوح،
في بعض تلك الليالي عند وصوله إلى غرفته، تشانيول كان يرى الأقصر نائما على السرير ممسكا بهاتفه بإحدى يديه ريثما تتمسك الأخرى بالخاتم الذي تركه هو متعمدا.

لو كان هو مكان الأشقر الآن، لحاول التمسك بلوهان بكامل قوته، لحاول استغلال جميع الفرص من اجل البقاء معه، بدلا من محاولة تجاهل الشخص الذي أمضى معه العشر سنوات الماضية من حياته، و كأنه لم يعرفه من قبل.

“أنا أفعل هذا من أجله، هيونغ“

“كيف يمكن أن يكون إيلامه من أجله، سيهون ؟؟“
قال قبل ان يعيد رأسه للخلف مبتلعا ما تبقى من المادة الصفراء في الكأس، ليشعر بمرارة الطعم تنخر حنجرته، و مع ذلك، لم يكن هذا الطعم اسوء من معرفته بأنه هو السبب الحقيقي لترك بيكهيون له.

“البقاء على اتصال معي لن يساعده في إكمال حياته بعد مغادرتي، لوهان لا يستحق شخصا جبانا, يخاف من الدفاع عن علاقته معه” رد الأصغر بعد ان قام بملئ كأسه للمرة الثالثة “كلانا يعلم بأنني لا أستطيع ان اكون الرجل الذي يريد مني أن أكونه الآن“

سيهون يهتم بأمر لوهان اكثر من إهتمامه بصورته أمام والده، او البقاء وحيدا لما تبقى من حياته.
هذا هو الاختلاف بين الاشقر و الغبي الاحمق الذي كان عليه الطويل قبل فتره.

فـ تشانيول لم يكن سوى شخص أناني مغفل، لم يعرف السعادة التي كانت تحيط به لإمتلاكه شخصا يحبه بكامل كيانه دون أن يطلب مقابلا من ذلك.
لقد كان يأمل ان يساعده اللقاء مع صديقيه في استعادة الحياة الطبيعية التي اعتادها، و لو القليل فقط، لكن انظروا إليه الآن، يحلل ليجد سببا آخر يجعل من زواجه أمرا فاشلا منذ أن بدأ.

في النهاية، جميعهم كانوا اطفالا مدللين لعوائل غنية، كبروا ليصبحوا رجالا حمقى مدللين لعوائل غنية.

“هل جونغ إن يعلم بالأمر ؟؟“
سأل بعبوس عندما لاحظ الأصغر يخرج علبة السجائر.

إلتقط تشانيول علبة السجائر بالقوة من يد الآخر ليأخذها و يضعها بعيدا عن متناول يده.

سيهون رمقه بنظرات حادة قبل ان يتمتم ب “لا،ليس بعد” و أعاد إهتمامه إلى كأسه المملوء حديثا ليأخذ رشفة و يكمل “ليس لأنني لم أتحدث معه منذ مدة، لكنني فقط … أراه سعيدا جدا مؤخرا. صدق او لا تصدق، لكنه اتصل بي قبل اسبوع من الآن ليسألني عن الاشياء التي يجب عليه تخزينها في ثلاجته“

“لماذا قد يفعل ذلك ؟؟، انه لا يستضيف احدا في تلك الشقة، اضافة إلى انه ينام في غرفته داخل الحانة هنا معظم الأوقات“

“لا، ليس بعد الآن، سوهو أخبرني بأنه لم يأت إلى هنا منذ مدة“

على الأقل هناك من هو سعيد بينهم، تشانيول فكر في نفسه، لكنه لم يستطع استيعاب فكرة ان يتمكن جونغ إن، من بين الكل، من الحصول على علاقة جدية مع احدهم.
لانه يعلم بأن الاخر شخص كاذب متحاذق، يحاول استغلال الامور ليستمتع بصورة مؤقتة فقط قبل ان يهرب منهاياً كل شيء ليتجنب أية عواقب وخيمة.

اذا كان ذلك الأسمر قادرا على الارتباط بشخص يجعله يتناسى امر التي اصر على كونها اهم شيء بالنسبة له،

اذا ربما كاي لم يتخلص تماما من الجانب التي يجعله بشرا بعد.

“و لم يخبرك سبب سعادته المفرطة هذه ؟؟” تحدث الأطول أخيرا محولا ناظريه بإتجاه الشرفة في الحانة، حيث إختفى صديقهم الثالث قبل لحظات،

“لم يخبرني بالتفاصيل، قائلا بأن الامر … معقد” اجاب سيهون بسخرية خفيفة وراء كلماته، محركا أصابعه ليشدد على الكلمة الأخيرة.

معقد ؟؟ كيف للأمر إن يكون معقدا، جونغ إن يمتلك كل الصفات الايجابية في كونه إبنا لعائلة غنية،
فهو لا يمتلك القيود التي يمتلكانها هو و سيهون، لن يحتاج لان يقلق بشأن اسم عائلته اذا ما تورط في فضيحة ما. لن يضطر لان يترك من يحب محطما من أجل انقاذ عمل والده.

كاي يملك مطلق الحرية في أن يحب من يريد، اذا كيف يمكن لعلاقته ان تكون أكثر تعقيدا مما يمر به هو و الاشقر بجانبه.

تشانيول كان يشعر بتشويش خفيف في رأسه عندما عاد الأسمر ليجلس بجانبهم، واضعا تلك الابتسامة المعتادة على وجهه، واثقة و مزعجة بعض الشيء، تماما كتلك الابتسامة التي يضعها على وجهه عندما يقدم كأسا آخر للأطول، ليقنعه بالبقاء و تناول جرعة أخيرة قبل أن يعود إلى بيكهيون، لتتحول هذه الجرعة إلى إثنتين ثم ثلاث حتى يتحول هذا للتشويش داخل رأسه إلى ضلام يجعله ينسى أمر عودته إلى بيته نهائيا.

تشانيول يكره هذه الابتسامة، و ربما يكره جونغ إن أكثر مما يكره هذا التشويش المزعج داخل رأسه،
إنه يكره حقيقة كون كاي سعيدا طوال الفترة التي كان يعاني هو بها.

“كريس لن يستطيع المجيء مطلقا، صحيح ؟؟“

“و هل يجب على ذلك ان يفاجئني ؟؟ هو لم يتمكن من الحظور منذ أكثر من سنة …. قد تضن ان سنة او اثنتين كافيتين لان ينسى أمرها و يكمل حياته، لكنه حقا يريد ان يلتقي بإبنه“

“انه أحمق، ما كان عليه الموافقة على الطلاق اذا لم يكن يريده منذ البداية“

“و هل يمكنك ان تلومه على ذلك ؟؟“

تشانيول صرخ ب ‘لا’ داخل عقله، لكن فمه لم يتحرك.
كريس أُمِر بأن يتزوج، مثله تماما، لكن لم يتوقع أحد بأنه سيقع بالحب مع زوجته مطلقا.

قد يكون كريس هو المسؤول الوحيد عن ما يمر به، لكن تشانيول لا يستطيع لومه على رغبته بأن يبقى جزءا من حياة الإمرأة التي يحب بدلا من أن يختفي أثره ضمن ذكرياتها فقط،

ان يكون جزءا بسيطا من حياة من يحب أفضل من أن لا يكون موجودا مطلقا.

“حسنا إذا، دعنا ننسى أمره هنا” حاول جونغ إن إغلاق الموضوع، و ابتسم بعد ان لاحظ الخاتم اللامع حول إصبع الأطول  “أخبرني ما حال الامور معك، هاه ؟؟ هل تصالحت معه أخيرا ؟؟ أم هل أكتشف شريكك اللطيف فوائد بقاءه وحيدا داخل قصرك الكبير ؟؟“

“لا اريد التحدث عن الموضوع ؟؟ ” اجابه ببرود يعكس إنزعاجه من الطريقة التي تحدث بها الاطول، لكنه لم يكن يريد افساد إحدى الليالي القليلة المتبقية لسيهون كرجل أعزب.
إضافة إلى إنه تعلم تجاهل الامور التي تزعجه.

يبدو ان سيهون شعر بالغيمة السوداء التي أحاطت الإثنين أمامه ليصفق بيديه محاولا إبعاد الجو الثقيل قليلا و بدأ “سمعت أخبارا تتناقل في الحانة مؤخرا.“

“أخبار ؟؟” سأل جونغ إن بسخرية “أشك أن سوهو هيونغ سيوافق على إعطائك أية معلومة“

“صحيح، لكنه بالفعل أخبرني أنه لم يعد يحضى بزبائن منزعجين من شخص يدور بين الطاولات محاولا الخروج مع شخص مرتبط مع أحدهم بالفعل“

شخص مرتبط مع أحدهم بالفعل,
أغلق تشانيول عينيه عاقدا ذراعيه على صدره قبل أن يسند كامل جسده على ضهر كرسيه. و لم يستطع منع الصورة التي أعطاه أياها والده من الظهور داخل عقله، حينما كان بيكهيون واقفا بالقرب من شخص آخر،

الصورة لم تكن واضحة داخل رأسه تماما، لكنه لم يستطع نسيان الابتسامة التي كانت مرسومة على وجه شريكه.

أطلق جونغ إن ضحكة متوترة بدلا من انكار الامر “اوه، هذا الأمر” تمتم بصوت خافت مع ابتسامة صغيرة على شفتيه

“اذا الاشاعات صحيحة، أن تواعد أحدهم بالفعل؟؟“

“لست اواعد أحدا، لا … لكن سيكون جميلا ان تمكنت من فعل ذلك مستقبلا“

“مستقبلا !!” قاطعه سيهون بحماسة مفرطة “ظننت بأن نهاية العالم ستكون أكثر دمارا مما يحدث الآن، من أنت و مالذي فعلته بصديقي ؟!!!“

“لا تتحدث بصوت عال ايها الاحمق،” ضحك الأسمر بخفة قبل ان يحرك يده الى خلف رقبته بخجل “أخبرتك ان الوضع … معقد الآن“

“فقط أخبرني ما مدى تعقيده يا هذا،“

تشانيول حدق بالصورة الصغيرة المنعكسة لصديقيه على زجاج كأسه ريثما يستلقي بإنزعاج على الكرسي، لقد فقد إهتمامه بالمحاورة منذ مدة و لم يعد يريد الاستماع لما يتفوه به صديقيه. كأس شرابه فارغ الآن، ما يزال هذا التشويش يتجول داخل رأسه بإزعاج، و يبدو انه يزداد سوءا كلما سمع صوت كاي يتحدث.

“حسنا،” تنهد الأسمر قبل ان يبدأ بالتمتمة “انه متزوج بالفعل، هذا هو مدى سوء الوضع،” و هذه الجملة الأخيرة فاجئت الجميع، كاي لاحظ ذلك ليأخذ كأس شرابه و يتجرع القليل قبل ان يكمل “انه متزوج، لكنه حب من طرف واحد“

“متزوج؟!” خرجت من فم سيهون كصرخة غير متوقعه “كيم لعين جونغ إن، انه متزوج ؟؟ أ تمزح معي الآن بحق الكائنات ؟!!“

“الامر ليس كما تفكر !!“

“اذا كيف يجب علينا ان نفكر ؟” قاطعه تشانيول، من بين جميع البشر في العالم كله، جونغ إن إختار شخصاً مرتبطا مع أحدهم بالفعل، بحق الإله، كيف يمكنه فعل ذلك ؟!

“لم أقم بإختطافه بعيدا عن مأواه حسنا ؟ اللعنه، إلتقيته بالصدفه، إحتاج المساعدة، و لم يملك مكانا ليذهب إليه فأخذته معي.“

“ما قلته يجعل الامور اسوء” كشر سيهون بصعوبه “احدهم فقط هو من يحب الآخر، لكنه ما يزال متزوجا !“

“اعلم ذلك،أعلم،” رفع جونغ إن يديه بإستسلام “لكن ان لم يستطع شريكه ان يقدر ثمن وجوده معه مفضلا التصرف بحرية … ف من الافضل له ان يوقف كل شيء و يعطي الآخر حريته.“
لم يجد الآخران شيئا آخر ليقولاه و فضلا التحديق بوجه الآخر بصدمه.

التعبير الفارغ الذي ملأ وجه تشانيول تحول إلى تعبيسة غاضبة ببطىء، و صورة بيكهيون بدأت تظهر في مخيلته مجددا، في المرة السابقة لم يستطع وضع صورة لوجه الرجل الواقف امام زوجه، لكن الآن كل ما يستطيع رؤيته هو صورة كاي مكانه، كيم جونغ إن هو من رسم الإبتسامة على وجه شريكه،
موجة من الانزعاج بدأت تملأه جاعلة من صفير مزعج يستقر داخل أذنيه مرافقا التشويش السابق في رأسه.

سيهون شخر بالمقابل، غير مصدق لما سمعه من صديقه للتو “اذا انت حقا جاد بشأن هذا الشخص ؟؟ جونغ إن الذي اعرفه لم يكن ليتحدث بهذه الطريقه“

“نعم، أنا …” اجاب الآخر بعدم تردد “اضنني جاد بشأنه. أريد ان اكون الشخص الذي سيساعده على تجاوز تجاربه السيئة.“

تجاوز تجاربه السيئة، كما يقول لكن كل ما وصل إلى مسامع تشانيول هو،

“حسنا، لم اكن اتوقع ذلك،” رفع أصغرهم كتفيه قبل ان ينهض من مقعده “سأذهب لأحظر المزيد من المشروبات.“

و بذلك ذهب ليترك الآخرين جالسين في صمت بينما ينتظران، أحدهم يتلمس حواف كأسه بأصابعه بحذر، اما الآخر فيحاول إرخاء قبضته التي تجمعت بتوتر غاضب اسفل الطاولة،

“سمعت بأنك عينت مساعدا جديدا في مكتبك.“

“صحيح.“

“سيهون اخبرني بأنك تقوم بطرد جميع من تقع عليه عيناك مؤخرا.“

“لأنهم يعملون لوالدي، لا لي.“

“تشان، مالمشكلة ؟؟” سأل جونغ إن بإهتمام واضعا كأسة الفارغ بعيدا قبل ان ينحني ليسند ذراعيه على الطاولة امامه “لم نكن قادرين على الإتصال بك لأشهر.“

و هذا فقط جعل من تعبيسة تشانيول تزداد عمقا. “كنت مشغولا.“

“لكنك مشغول دائما،” عارض الآخر، محاولا تخفيف الجو الثقيل المحيط بهم “انا متفاجئ ان شريكك لم يسأم من انتظارك إلى الآن“

لكن ما يقوله الآن خاطىء، خاطىء جدا بالنسبة للرجل الذي قضى الاشهر الماضية من حياته و هو يصارع الجنون، يحارب اوامر والده و يبحث في كل مكان عن زوجه الذي يفضل البقاء مشردا في العراء على العودة إلى منزله.

“أنت تريد التحدث عن الأمر، حسنا إذا، لنتحدث عن ذلك، لنتحدث عن زوجي الهارب، لنتحدث عن كيفية خروجه من منزله في ليلة الذكرى السنوية لزفافنا،” تشانيول لم يعد يحتمل البقاء في هذا المكان أكثر، لم يعد يحتمل النظر في وجه الشخص الذي كان السبب الرئيسي لإهماله و فشله في السنوات الماضية “او الأفضل، لم لا نتحدث عن الطريقة التي كنت تأخذ بها هاتفي بكل سهولة لتضعه بيد أقرب عاهرة تصادفها ؟؟ و ما هو عقد الزواج على اية حال، صحيح ؟؟ مادمت لا تضع خاتمك فهذا يعني أنك ما تزال حرا طليقا لتفعل ما تشاء بحياتك.“

ربما ما يحصل معه هو بسبب الكحول الذي يسري بجسده، او ربما بسبب الألم الذي يأبى مغادرته. كل شيء يذكره ببيكهيون. و رؤية كاي امامه هنا لا يفعل شيئا سوى تذكيره بكل تلك الأوقات التي قضاها باللعب بدل ان يكون رجلا حقيقيا.

“تستطيع القاء اللوم علي قدر ما تستطيع، تشانيول، لكن هذا لا يغير من حقيقة انك انت من كنت تفعل ما أمليه عليك.“
رد كاي بحنق، و لم يشعر بشيء قبل ان تستقر قبضة على وجهه ليسقط على الأرض بقوة.

“هذا هو بالضبط ما تفعله دائما، صحيح ؟؟ ان تبدأ بالمشاكل الواحدة تلو الاخرى لتهرب بعدها و تترك كل شيء في حالة فوضى عارمة عندما لم يعد الامر ممتعا بالنسبة لك، هاه ؟!“

قد يكون هناك كأس زجاجي يتحطم اسفل قدمه الآن، او قد يكون هذا فقط من صنع عقله المضطرب الذي بدأ يمزج الواقع بما يريد من الواقع ان يكون، او ربما هذا فقط لانه متعب جدا من حقيقة انه لم يعد يعرف مالذي يجب فعله و أنه تاءه جدا بعيدا عن بيكهيون.

لقد كان متاكدا و واثقا جدآ من ان بيكهيون لن يحاول تركه أبدا، لدرجة جعلته ينسى ان الخيار كان دائما بيد الاقصر، كان بإمكان بيكهيون إختيار اي شخص ليقضي حياته معه بدل ابن الرجل الذي قام بأخذه من عائلته بالقوة.

تشانيول هو الشخص الذي قضى معضم الليالي يستمع لصوت الأقصر و هو يبكي خلف الباب المغلق، منتظرا الشتيمة التي يجب ان تتبع اسمه لكنها لم تنطق ابدا، هو الشخص الذي سمح لوالده بأن يسخر من زوجه امامه دون ان يفعل شيئا لإيقافه،
تشانيول هو الاحمق الذي لم يعرف مقدار السعادة التي كانت تحيطه حتى ذهبت من بين يديه دون ان تعود.

“إن كنت تحبه حقا يول، فمن الأفضل ان تتركه ليعيش سعيدا بعيدا عنك.“

“كل ما تفعله هو النوم في الأروقة مع من يعجبك، مالذي يجعلك فهيما بمعاني الحب يا هذا ؟؟“

“لكنني اعرف كيف اتجنب ان اكون زوجا مغفلا على الأقل الآن، و الفضل يعود لك في ذلك.“

كاي محق، لانه و مهما اراد القاء اللوم على شخص غيره، فـ تشانيول هو الملام الوحيد عما يعيشه الآن.

ضحكة بيكهيون لم تصل الى مسامعه منذ اربع سنوات.
إنه يشتاق لسماعها،

و يشتاق لبيكهيون كثيرا.

“بحق الجحيم، شباب ؟؟ توقفوا عن ذلك !! جونغ–“

لربما يجب عليه ان يترك بيكهيون في حال سبيله. لكن هل من الصعب عليه ان يطلب يوما واحدا بعد مع الأقصر ؟ هل من الاناني منه ان يطلب ساعة واحدة فقط ليعتذر منه و يترجاه لان يبقى معه ؟؟
تشانيول يريد أن يرى بيكهيون،

يريد رؤية زوجه، ملكه، خاصته.

بيكـ … هل هو سعيد الآن حقا ؟؟ بعيدا عن بيته ؟؟ هل لن يعود إليه مجددا حقا ؟؟

هل هو  —

“.. اللعنه، اتركه !! دعه يذهب تشانيول !!“

لكنه لا يريد ان يتركه ليذهب،

لا يستطيع تركه،

لا يمكنه،

لا يمكنه.

*

*

*

*

*

*

في تلك الليلة، تشانيول حلم بباب غرفته يُفتح بهدوء، حافة السرير تتحرك بجانبه و ضوء خفيف يتساقط على اجفانه المغلقة.

اختفى الضوء حينما بدأ يسمع صوتا عذبا يتكلم، يتحدث معه برقه، يسأله عن أحواله، اخبره بمقدار سعادته لانه ينام في غرفته الآن عوضا عن النوم داخل مكتبه.
عليك ان لا تمرض، اخبره الصوت،

الصوت كان ادفئ مما إعتاد عليه، و أوضح كثيرا لانه لم يترافق بدموع حزينه.

هذا صوت بيكهيون، انه واثق من ذلك، و هذا الصوت كان قريبا، قريباً جدا منه،
لكنه يعلم أن الأحلام قاسية جدا احيانا، لأن لا أحد في الغرفة معه الآن، لا شيء سوى ضوء لامع من أحد جوانبه، ضوء لا يستطيع الوصول إليه،

بيكهيون،

بدأ بالسؤال عن يومه، بصوت كان كالبلسم للجروح المتخلفة على قلبه.
متبوعا بـ أرجوك إعتني بنفسك كلحن هادئ يوقف شعور الندم الذي أكله حيا،

بيكهيون أخبره بالأمور الأخرى التي كان يقولها كل يوم، الأمور التي تعلَّم تشانيول تجاهلها كلما سنحت له الفرصة قبل ان يعرف المعنى الحقيقي وراءها،

حتى همس الضوء ب ستكون أكثر سعادة من الآن فصاعدا

كيف ؟؟ كيف تستطيع قول ذلك ؟؟

أراد أن يسأله، يريد ان يسأله عما اذا كان هو سعيدا بعيدا عنه الآن، لانه و على الرغم من مرور اكثر من ستة اشهر على رحيله، تشانيول ما يزال يشعر و كأن جزءا كبيرا منه قد اقتلع بعيدا.
يريد ان يسأله عما اذا كان يعلم بأنه يتألم برحيله، عما اذا كان الوقت قد تأخر بالفعل و لا يوجد شيء في هذا العالم ليفعله حتى يبقى جزءا من حياة بيكهيون.

و عندما استيقظ من حلمه، اعينه كانت مليئة بقطرات مياه مالحة و انفاسه متقطعة بالصور الواضحة التي غرزها الحلم في عقله، النبض المؤلم في رأسه لا يقارن بالألم الذي يملأ قلبه، و هو لا يعلم مالذي يجب أن يؤلمه أكثر.
حقيقة ان بيكهيون ودعه قبل أن يستطيع النطق ب كلمة ‘أحبك

أم حقيقة وجود أوراق الطلاق مرمية على سطح مكتبه، و توقيع زوجه موضوع عليها بالفعل.

*

*

*

*

*

*

كان على بيكهيون في صغره ان يحاول إكتشاف مالذي يخفيه الناس خلف ابتساماتهم، و تعلم كيف يفرق بين الصادقة منها و المزيفه،
فالصادقة كانت لامعة كضوء الشمس، ترسل بريقها إلى كل مكان لدرجة يصعب عليك اخفاءها لأنها ستعبر خلال اصغر التصدعات لترسل الدفئ عبرها. لاحقا، اصبح اكتشاف الابتسامات الحقيقية أسهل شيء بالنسبة له، و كان هذا بعد ان إلتقى بشخص كانت إبتساماته مشعة دائما، كمن كان يرى العالم ملونا لأول مرة في حياته،

كاي كان ألشخص الوحيد الذي ساعده على تذكر ذلك، بعد ان كان مقتنعا أن الألوان لا وجود لها في العالم، و كل شيء كان ب الأسود و الأبيض.

كاي يبتسم مع الفتاة الصغيرة التي تلعب مع جروها على رصيف الشارع. كاي يبتسم عند رؤيته للثلاجة مليئة بمختلف انواع الفاكهة و الخضروات لأول مرة منذ فترة، إنه يبتسم كثيرا

و ربما لان بيكهيون معتاد على رؤية الابتسامات التي تظهر صفين بيضاوين من الاسنان هو لم يلحظ التقوسات الصغيرة على شفاه جونغ إن و لا البريق المتلألأ في عينيه.
و حتى عندما مرر له المنشفة التي نسيها في غرفته، كاي إبتسم.

بيكهيون لم يعلم كيف يجب عليه ان يتعامل مع حب كاي للتبسم، أنه يبدو كشخص مشع تماما يختلف عن الشخص الذي رآه أول مرة، و يبدو بأنه يشع بقوة أكبر عندما يكونان لوحدهما فقط.

“إذهب لتستحم” تمتم الأقصر دافعا الآخر إلى الداخل.

جونغ إن امسك بالمنشفة ليرميها فوق كتفه، و لاحظ ان الاخر ينظر إلى كل شيء ما عدا صدره العاري الذي لم يغطيه شيء.
“انت تبذر المياه الساخنة”  اضاف بيكهيون متجاهلا مقدار المياة التي بذرها حين نام داخل الحوض قبل قليل.

ثم استدار محاولا العودة إلى المطبخ لكن يدا اوقفته في مساره لتديره، و قبل ان يحاول المقاومة شعر بالمنشفة تحيط بعنقه و رأى كاي يهز رأسه بالرفض.

“جفف نفسك اولا، انت تبدو كجرو خارج من المياه المثلجة للتو … انظر إلى قميصك، ستصاب بالبرد ان بقيت هكذا“

، عقله حذره حين اقترب جونغ إن منه ليحاول تجفيف شعره، و شعر بالجسد الصلب للأخر يلامس جسده برفق ليجعله يشعر بالدفىء المتدفق منه.
يال غباءه، كيف يمكنه ان يتذكر اعطاء منشفة لأحد ما في حين انه نسي احظار بنطاله معه اثناء الاستحمام.

شعر برغبة ليعطس فجأة جعلته يدفع الآخر بعيدا ليشعر بموجة الالم الخفيف التي تبعت العطسه.

و ارتجف محتضنا ذراعيه.

رائع و الآن هو يشعر بالبرد لان القميص الذي يرتديه مبتل تماما بسبب القطرات النازلة من شعره.

“يجب عليك ان تستحم ثانية، و ربما تستخدم مياها دافئة هذه المرة“

“سأغير ثيابي فقط“

“لكن لم يعد لديك المزيد من الثياب، أ ليس كذلك ؟ ” كاي حاول إخفاء ابتسامته المنتصرة لأنه يعلم أن لا أحد يستطيع تكذيب هذه الحقيقة.

“لا بأس، حسنا .. سأستحم بعد أن تنتهي انت ” ثم أخذ منشفته من الآخر ليلفها حول جسده، في محاولة يائسة لتجعله تشعر بالقليل من الدفئ.

يستطيع الانتظار، كاي يستحم بسرعه، و لن ينام عندما تكون المياه مريحة جدا بالنسبة له. لذا سينتظر.

دفع الآخر إلى الحمام الواسع للمرة الأخيرة، ثم أغلق الباب خلفه و أخذ خطاه إلى المطبخ عله يبدأ بصنع وجبة العشاء بينما ينتظر من الباب أن يفتح.
لكنه لم يستطع الابتعاد أكثر من خطوة واحدة قبل أن يمسك به جونغ إن من خصره بقوة ليحمله فوق كتفه و يتحرك نحو الحمام بخطى واسعة دون أن يترك فرصة للآخر بالمقاومة، بيكهيون لم يكن شخصا مولعا بالمفجائات لأنه أطلق صرخة خائفة في اللحظة ذاتها التي تمسك بها بالآخر بقوة

“أنزلني !!!“

“لا تقلق و ثق بي !“

“لا ! لا يمكنك !! لا لا لا لا ! توقف !” صرخ بكل ما يملك من انفاس غير مهتم بما ان كانت ذراعيه حول عنق كاي ضيقة جدا لأن تخنقه، لأنه لم يشعر بمثل هذا الخوف في حياته حتى اللحظة التي شعر بالآخر يقفز ليرمي بهما إلى داخل الحوض.

لكنه لم يرتطم بالأرضية بعد، أقدامه كانت غارقة داخل الماء الدافئ و أذرع كاي ما تزال تحمله بحماية.

“أ لم أخبرك بأن تثق بي ؟“

بيكهيون فتح عينيه أخيرا لتلتقي عينيه بلؤلؤتين بنيتين تحدقان بخاصته، و شعر بضربات قلبه الهائجة تتسارع داخل صدره مثل النبضات العائدة للشخص امامه، لكنه يعلم ان قلب جونغ إن يخفق لسبب آخر.

“أخبرتك بأن تتوقف،” تمتم بيكهيون بأنفاس مرتجفة و دفن رأسه في رقبة الأطول محاولا تهدئة قلبه

“و ها أنا قد توقفت، لا ؟؟“

، عقل كاي صرخ بإهتياج عندما رفع بيكهيون رأسه قليلا عن كتفه ليستطيع رؤية التعبيسة القابعة على شفتيه و الإحمرار الطفيف الذي يحتضن وجنتيه بسبب نوبة صراخه قبل قليل.
لا يجب على كاي ان يتأثر بهذا المنظر أمامه، لكنه لم يستطع فعل ذلك، لم يستطع تجاهل تلك الشفتين الحمراوين المنتفختين، و لا هذا الوجه المحمر لأنه كان جذابا جدا

جونغ إن يرى بيكهيون جذابا دائما و بكل حالاته لدرجة انه يشعر بالخجل من تفكيره الآن

“لكنك لم تتوقف عندما أخبرتك،” تمتم مجددا بينما ما يزال جالسا على رجل الأسمر.

 عقله حذره مجددا.
يجب على عليه ان يبتعد، لأن هذه المسافة القريبة بينهما كانت خطرة جدا،

هو لم يكن بهذا القرب من كاي من قبل، بل لم يسمح لنفسه بأن يكون بهذا القرب من الآخر قبلا لأنه يعرف بأنه ضعيف جدا لأن يمنع الآخر،

حرك كاي يده ليمسح على وجنة الآخر بخفة و يبعدها بسرعة، لا يجب عليه ان يقترب من بيكهيون، ليس بعد … الأقصر ما يزال مرتبطا بأحد آخر. يجب ان ينتظر.
هذا ما كان يجول داخل عقله، و هذا ما سيفعل، سينتظر.

الأقصر أبعد ذراعيه عن عنق الآخر أخيرا ليتحرك محاولا النهوض.
“هيا أسرع و أبدا بالاستحمام، ستصاب بالزكام اذا ما بقيت تلعب بدون قميص فوق جسدك“

قال بتوبيخ هذه المرة و أخرج قدمه من المياه الدافئة بعيدا عن الأطول ليبحث عن منشفته التي سقطت على الأرض و لكن حالما اتخذ خطوته الأولى حتى شعر بذراع تسحبه و شفتين تنطبقان على خاصته،

جونغ إن قبله بقوة و لهفة لدرجة ان بيكهيون شعر بأنفاسه تتوقف للحظة، أقدامه تعثرت بحافة الحوض لتجعل من يديه تتحرك و تحيط بخصر الأخر قبل ان يسقط في أحظانه مجددا. و الشفتين الدافئتين ما تزال تعبث بخاصته بدفئ حتى تحركت لتطبع قبلا رقيقة على فكه نازلتا لعنقه تاركا علامةً جديدةً لن تزول بسرعة،

و كان بيكهيون على وشك ان يبدأ بالمبادلة لولا سماعه صوت جرس الباب يرن ليعود بذلك إلى الواقع,
انفاسه كانت متسارعة حينما إبتعد عن الأسمر، الذي تحولت نضرته ألهادئة إلى أخرى منزعجة حين مرر يده داخل خصل شعره بقلة حيلة، الانزعاج كان باديا عليه بوضوح لكنه مع ذلك سمح لبيكهيون بالذهاب.

“هيا إبدأ بالاستحمام،“
أمره الأقصر بصوت أجش، وجهه كان يحترق بحرج عندما تحرك مسرعا خارج الحمام.

مسح يديه بإرتباك على ثيابه محاولا تعديل القميص الخفيف الذي يرتديه في طريقه إلى الباب.

ثم مسح شفتيه براحة يده قبل وضعها على صدره منتظرا تهدئة نبضه قبل ان يفتح القفل.

و شعر بقلبه يتوقف للحظة عندما رأى الشخص الذي كان ينتظره خلفه.

*

*

*

*

*

*

“بيكهيون…” أعين تشانيول توسعت حال رؤيته لزوجه خلف الباب، تماما كما توسعت عيني الأقصر، نقل بصره ليرى الحال التي كان عليها، شفتين متورمتين قليلا، تورد خفيف يلون وجنتيه و إحمرار آخر أسفل فكه جعله يتأكد مما كان يحصل مع زوجه، و فجأة شعر بالدماء تغلي داخل عروقه حين تحولت نضراته إلى ما يمكن أن يقتل أحدا قبل أن يدخل إلى البيت بخطى عريضة، مبعدا بيكهيون عن طريقه،
“أين هو ذلك اللعين ؟؟ بحق اللعنه أين هو كيم جونغ إن“

“تشانيول، إنتظر” بيكهيون حاول منعه من التقدم لكن الأطول أبعده عن طريقه فحسب و اكمل مساره إلى الداخل،

لم يسبق له أن رأى تشانيول بهذا الغضب من قبل، الأطول لم يغضب بهذه الشدة أمامه أبدا. و هذا الجزء الجديد من شخصية زوجه أرعبه بشده،
لكنه لا يستطيع تركه يقتحم منزل أحد غريب ببساطة هكذا، لذلك استمر بالمحاولة و بقي يعترض طريق زوجه حتى وصلا لباب غرفة جونغ إن.

تشانيول توقف أخيرا و إستدار ليواجه الآخر بتعابير مهتاجة، أخبره أن لا يعترض طريقه لكن قبل أن يستطيع الرد عليه، فُتِحَ الباب خلفه ليضهر الأسمر مرتديا قميصه المجعد ذاته الذي كان يرتديه صباحا،

“ماذا بحق الجحيم تضن نفسك فاعلا، تشانيول ؟“

“ماذا بحق الجحيم تضن نفسك فاعلا مع زوجي ؟!” زمجر تشانيول بحنق و أمسك بالأسمر من ياقة قميصه و دفعه للخلف بقوة “أ لهذا السبب كنت تطلب مني التوقف عن ملاحقته، هاه ؟؟ حتى تتمكن من اللعب معه كما تريد ؟!“

تشانيول غاضب لأن جونغ إن يعرف تماما كم كان يريد إصلاح افعاله، هو يعلم كم كان يبحث في كل مكان عن زوجه و مع ذلك قرر التلاعب بمشاعره،
لابد من أنه كان لعبة مسلية بالنسبة له.

تشانيول كان يتحطم شيئا فشيئا في كل يوم يبحث فيه دون أن يعود بنتيجة، أما صديقه هنا، فقد كان مستمتعا برفقة حبيبه طوال الوقت.

مستندات الطلاق التي جاءته قبل بضعة أيام، تلك الأوراق التي جاءت حاملةً توقيع زوجه بالموافقة على الطلاق.

تشانيول كان يأمل بأن تكون مجرد خدعة سخيفة قذرة، عقاب له على القسوة التي تصرف بها في الماضي.

لكن، كيف له أن يبقى هادئا عندما أكتشف أن هذه الأوراق الغبية قد تم إرسالها من عنوان منزل صديقه الذي رافقه لسنين طويلة ؟

“ألعب ؟؟ أ هذا ما تسمي عنايتي بالشخص الذي أهملته انت ؟؟” كاي دفعه بقوة إلى الخلف أيضا و أكمل “أ لم تكن أنت من أمضى السنوات الأربع الماضية في محاولة للتخلص منه ؟؟“

“و أنت كنت كريما كفاية لتحثني على ذلك ها ؟ كشيطان أسود متلهف للحظة التي سأخطئ بها. منتظرا اليوم الذي سأتركه به“
ظهر تشانيول اصطدم بباب الغرفة المغلق بقوة حين دفعه الأسمر،

بيكيهون أخذ نفسا متفاجئا من وقع الإصطدام و مد يده ليحاول مساعدته، لكنه جفل حين أبعد تشانيول يده بدون إهتمام،

تشانيول لم يكن يريد أن يؤذي الأقصر، هو لم يحاول أذيته يوما و لم يرد من اليوم ان يكون بدايةً لذلك.

لكن هذه الحركة البسيطة، هذا الرفض القاسي الذي حصل عليه من الآخر جعل موجة من الألم تلوح عيني بيكهيون للحظة، كانت كافية لأن يتمكن جونغ إن من ملاحظتها.

“إذا لما لا تفعل ؟!”  رمى جونغ إن كلاماته بقسوة، كان يحاول الحفاظ على أعصابه طوال هذا الوقت من أجل الشخص الذي كان واقفا بينهما لكنه لم يستطع منع الغضب من تملكه حين عرف بأن تشانيول هو الشخص الوحيد الذي يمتلك قلب الأقصر. و هذا الأخرق لم يفعل شيئا سوى الإستهانة به “الأوراق معك بالفعل، إذا لم لا توقع و تنهي الأمر ؟!“

“توقفا عن ذلك، أرجوكما”  صرخ بيكهيون بقوة جاعلا من جسده كمصد بينهما يمنع وصول أحدهم للآخر، كاي إستغل اللحظة التي تشتت بها ذهن تشانيول ليدفع به على الأرض و يستلقي فوقه،
لكن جونغ إن هو أول من أرسل لكمة قوية وسط وجه الآخر لتجعله يترنح إلى الخلف، جرح تكون على شفتيه، أحمر نتيجة الدماء، لامع و مؤلم.

الأطول نهض من على الأرض بسهولة ليتقدم نحو كاي مجددا لكن جسد بيكهيون وقف بينهما ليحمي الأسمر خلفه، مطالبا بأن يتوقفا.

“بيكهيون لا تدخل بيننا“

لكن بيكهيون نفى برأسه فقط، و بسط يديه على صدر الآخر ليدفعه للخلف عندما أصر على التقدم.

“تشانيول ارجوك توقف“

أخبرتك بأن لا تتدخل !!”

زمجر الأطول صارخا، جاعلا من مشاعره تسيطر عليه، و بيكهيون أخرج صرخة خائفة من بين شفتيه،
تشانيول لم يكن يريد من صوته أن يخرج بهذا العلو، لكنه إستوعب ذلك متأخرا حين رأى الدموع تتجمع حول محجري الأقصر و شعر بيديه الباردتين كالثلج ترتجافان في مكانهما على صدره.

يده تحركت بعشوائية لتلتقط تلك اليدين برفق بينما يشعر بكل شيء أراده يتحطم أمامه

بيكهيون ….
…. خائف منه ؟؟

و في خظم المشاعر المتضاربة في داخله، الأطول لم يملك سوى سؤال واحد في عقله، نابع من غيرته و إحساسه المتواصل بالفشل و الذنب

“انت …. تحبه ؟“
و عندما لم تستقبله إجابة واضحة من الصغير المرتجف أمامه، ذراعيه تحركتا دون وعي لتسحب الآخر إلى صدره بهدوء، ريثما يحتضن خصره بحماية تامة، علَّ ارتجافات الأقصر تتوقف بين ذراعيه،

هذا كان اول تصرف عاطفي يفتعله تشانيول تجاه زوجه، مفاجئا كلا منه و الأسمر الواقف خلفه.

رأسه تحرك بتلقائية ليستقر فوق رأس الأقصر، و يده مسحت على ظهره صعودا و نزولا حتى شعر بالإرتجافات تتوقف و بالدموع تزول من عينيه.

تشانيول لم يبتعد حتى شعر بالآخر يهدأ تماما، و لم يستقبل إجابة على سؤاله حتى بعد أن تحرك بيكهيون خطوة للخلف مبتعدا.
لم يحتج إجابة حقا, لأن الصمت كان كافيا جدا لأن يعطيه تلميحا. تراجع بضع خطوات للخلف و أبعد نظره عن المسمى بزوجه حينما لم يبعد يد كاي من على كتفيه،

هذا التصرف، هذا المشهد أمامه الآن يجعله غاضبا، يجعله متوترا، غيورا و حزينا جدا،
لكن …

ماذا يمكن أن يفعل ليوقفه ؟؟

لا شيء ….

لأن الأوان قد فات بالفعل.

“لقد جئت إلى هنا من أجل هذه،” قال بصوت هادئ حينما إستعاد رشده، و إنحنى ليلتقط الملف البني من على الأرض ليحمله أمام كل من كاي و بيكهيون “هذه إستمارات الطلاق، و توقيعك موجود عليها بالموافقة“

“أعتذر منك بيك، لكنني لن اوقع هناك، لأنني لن اوافق على ذلك أبدا” عينيه تحدقان بزوجه ريثما يمسك الملف بكلتا يديه ليمزقه إلى قطعتين “لن أسمح لك بالطلاق، لأنني لا أريد تسليمك إلى أمثاله“

و بذلك تحرك تشانيول إلى خارج المنزل،
بيكهيون إحتاج بضع لحظات ليستوعب ما جرى معه قبل قليل

لقد شاهد زوجه يغادر من هنا

تشانيول يعرف مكانه الآن، و هو يضن بأنه يحب شخص آخر غيره.

و فقط عندها إستعاد الأقصر رشده ليسرع لاحقا بالشخص الذي أمضى الأشهر السبعة الماضية محاولا نسيانه،
لكن عندما وصل إلى الباب الخارجي

تشانيول كان قد إختفى بالفعل.

*

*

*

*

*

*

عندما عاد إلى داخل الشقة، رأى كاي ينتظره هناك
“كان بإمكان ذلك اللقاء ان يجري بشكل أفضل، أ ليس كذلك” إبتسم بخفة، لم تكن تلك الإبتسامة المشعة التي إعتادها بيكهيون، على الأقل ما تزال صادقة “لا أعلم ما إن كنت تعلم ذلك أم لا، لكن زوجك لم يكن يوما من النوع الذي يعرف كيف يسيطر على غضبه“

“دعني أعالج بعض جراحك لنذهب إلى المشفى بعدها،حسنا ؟” أخبره الأقصر محاولا التحرك نحو مكان علبة الإسعافات الأولية، لكن كاي تمسك بطرف قميصه بضعف شديد و همس

“لا، لا تفعل، إبق هنا معي. الجرح لا يؤلم على أية حال“

“لا تكن مغفلا، جونغ إن ! جرحك ما يزال ينزف..“

“لكن هذا لا يهمني،” تمتم و سحب كرسيا للأقصر، عينيه تحدقان بالآخر بنظرات هادئه “ما يهمني هو انك بخير.“

“كيف يمكنك قول ذلك،” حرك ذراعه ليمسح عينيه عله يستطيع إيقاف الحرقة المنتشرة هناك “كيف بإستطاعتك قول ذلك في حين أنك لم تتلقى سوى الألم منذ لقائك بي ؟!“

“أ لا تضن بأنك تفكر بتشاؤم ؟؟، أن أتعرض للألم من أجل أن أجعلك تعيش بأمان ليس شيئا سيئا. أ لم يخطر ببالك أنني أفعل كل ذلك لأنني أريد فعله ؟ مالشيء الخاطئ في أن أدافع عنك، بيكهيون ؟” أجابه الأسمر، صوته كان هادئا لكن علامات التوتر ما تزال تسري فيه “أريدك أن تكون بأمان، أريد أن أراك سعيدا، أريدك أن تحظى بمنزل لا يجعلك تفكر بالهروب منه. أريد أن أعطيك المزيد و المزيد لدرجة تجعلك لا تقلق بشأن ما سيحصل لاحقا“

بيكهيون لم يسأله عن السبب الذي يجعله يريد تقديم الكثير و الكثير إلى شخص لا يملك شيئا ليرده إليه، و لا عن السبب الذي يجعله مستعدا للتخلي عن كل شيء من أجل شخص لا يستطيع مبادلته المشاعر. لأنه يعلم السبب بالفعل، و كاي يعرف أيضا.
جونغ إن لم ينطق بهذه الكلمة مطلقا، لأن نطقها سيجبر بيكهيون على إجابته حينها،

و هو يعلم بأن بيكهيون يراه كصديق فقط، و لن يصبحا أكثر من ذلك أبدا.

جونغ إن عامله بلطف شديد طوال تلك الفتره، من المفترض ان يكون الجواب واضحا،
لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لبيكيهون،

إنحنى ليلتقط القطع الممزقة للملف المرمي على الأرض و شعر بأن قلبه يبدو كذلك أيضا – ممزقا إلى قطع و مرمي بإهمال.

بيكهيون لا يستحق العودة إلى تشانيول، لكنه لا يستحق البقاء مع جونغ إن أيضا.

*

*

*

*

*

*

طوال الأيام المقبله، كاي شاهد الأقصر يمسك بهاتفه عدة مرات، يحدق بشاشته المضيئة للحظة ليقلبه على وجهه و يعود ليفتحه مجددا، تماما كما كان يفعل سيهون ليتجنب الحديث مع لوهان.

الأقصر يظن بأن كاي لم يلاحظ هذا الشرود.
هو يذكر بأنه قد شاهد بيكهيون يتصرف بهذه الطريقة من قبل، في الأيام الأولى من مجيئه إلى حانة سوهو تحديدا،
في ذلك الوقت لقد بدى كجرو تائه عن مالكه يحاول تصنع القوة مستعملا تعابير صارمة لم تستطع إخفاء الإحمرار الحزين الذي أحاط بعينيه.

في النهاية، قرر الأسمر أن يعود ليطلب الوجبات الجاهزة من خدمة الغرف، فهو لم يرد ان ينتظر حتى تحترق يد بيكهيون كاملة كما يحرق قطع اللحم التي تتفحم بسبب شروده.
و لم يكن بإستطاعته فعل شيء حينما لم يجبه بيكهيون إلا بأجوبة قصيرة ليعود إلى أفكاره مجددا،

في أحد الأيام، بيكهيون ترك هاتفه مرميا فوق الملف البني الذي يحمل استمارات الطلاق الجديده.

 إلتقطه الأسمر و فتح القفل لتستقبله الشاشة المضيئة التي لم تحمل سوى رقم واحد، محفوظ هناك دون إسم،
ضغط على زر الإتصال و وضع الهاتف على أذنه.

بيكهيون أخبره بأنه قد إتخذ قراره منذ مده و كاي لم يستطع منع السعادة من إيجاد طريقها إلى داخله، لكنه عرف لاحقا بأن الإجابة كانت هي نفسها منذ البدايه، عندما سمع صوت تشانيول يجيب من الطرف الآخر.

*

*

*

*

*

*

تشانيول توقع رؤية العديد من الأشخاص أمام باب منزله
مساعدته الخاصة تخبره بموعد لقاء المسؤولين الأخير، برقية تخبره أن صديقه قد رفع عليه دعوة قضائية بتهمة الإعتداء عليه داخل أسوار منزله أو حتى محاميه الخاص مع نصائح عن قضية الطلاق التي يمر بها حاليا،
لكن ما لم يتوقعه أبدا هو أن يرى الشخص الذي من المفترض أن يكون على خلاف معه يدخل إلى مكتبه مباشرة دون موعد مسبق، بجانبه إحدى الخادمات مع نظرة خائفة على وجهها،

“لنتحدث …” تكلم الأسمر في اللحظة التي غادرت بها الخادمة مغلقتا الباب خلفها،

“ما من شيء لنتحدث بشانه هنا،” رد عليه ببرود “لن أعتذر إليك ابدا” و لمَ يتوجب عليه الإعتذار ؟ كاي يملك كثيرا مما يملكه هو، أموال كثيرة، حرية كافية تمكنه من فعل ما يحلو له متى ما أراد،
في الحقيقة، كاي لديه أكثر مما يملكه هو بكثير، بما أنه يملك قلب الرجل الذي يحبه تشانيول أيضا الآن.

“لن أرفع عليك دعوة قضائية إذا ما إستمعت إلي حتى النهاية“

“مالذي يجعلك تظن إني أهتم بما إذا إلتقينا داخل أسوار المحكمة أم لا ؟؟“

“لأنني أعلم بأن أمر بيكهيون يهمك،”  رد عليه متجاهلا الوخزة المؤلمة في قلبه حينما قال ذلك.

كاي أخبره بما حدث معه عندما التقى ببيكهيون، أخبره بالمصاعب التي واجهت الأقصر عندما كان يحاول الوقوف على قدميه بالمعلومات القليلة التي يعرفها عن الحياة خارج قصر الأطول،
أخبره بالأمور الأخرى التي قد تزعجه، عن الأشخاص المخيفين الذين حاولوا التقرب من زوجه، و تشانيول لم يستطع من نفسه من التحديق بسخط على صديقه عندما أخبره أنه كان أحد هؤلاء الأشخاص.

“هل من المفترض ان أصدق كل ذلك ؟” سأل بتعابير مظلمة لأنه لم ينس بعد المشهد الذي رآه عندما وجد بيكهيون داخل بيت أحد أصدقائه  “أن لا شيء قد حدث بينكما ؟“

تشانيول يعرف الأسمر منذ فترة طويلة جدا قد تقارن بمقدار السنين التي عرف بها بيكهيون، بل ربما أكثر من ذلك بكثير. كاي يملك طبيعة أنانية متملكة، ما إن يضع عينيه على شيء ما لن يتوقف حتى يحصل عليه،
لكن لطالما فكر تشانيول به كصديق، و ظن بأن هذه السنوات من الصداقة قد تعني شيئا للآخر، بأنه لن يتخذ قرارا خاطئا بالإقتراب من شخص إختاره هو بالفعل. لن يستطيع مسامحة جونغ إن مطلقا إذا ما أثبت شكوكه الآن و أخبره بأنه قد تجاوز الحدود مع زوجه، بأن أخذه إلى السرير معه، ما من عودة اذا ما حصل ذلك و لن يتمكن تشانيول من إعادة لقب الصداقة بينهما مجددا أبدا.

لكن كاي نفى ذلك، و الأطول شعر و كان وزنا بثقل الجبال قد تم إزاحته عن قلبه،
أخبره بأنه حتى و إن حاول التقرب من بيكهيون بطريقة غير لائقه فإنه كان سيبعده، و أن الخاتم كان موجودا دائما حول إصبع البنصر ليده اليمنى كتذكير متواصل له بأنه ينتمي إلى شخص آخر بالفعل، أخبره بأنه رفض التقرب من الأقصر طوال السبعة أشهر لأنه أراد من الأقصر ان يبقى في حياته حتى و إن عنى ذلك أن يكبح جماح مشاعره لأول مرة في حياته.

“لماذا تخبرني بذلك الآن ؟؟“
لأن تشانيول لم يرد رفع سقف آماله عاليا، إذ لا بد من وجود غاية أخرى، مصلحة أخرى للآخر خاصة بعد أن تأكد بأنه يكن مشاعرا تجاه زوجه مشابهة لمشاعره،
الوضع بينهما لن يستمر كما هو إذا ما طلب منه كاي أن يتخلى عن بيكهيون الآن،
تشانيول ليس مستعدا للتخلي عن الشخص الذي إتخذ مكانه داخل قلبه ليصبح كل شيء و اي شيء مهم في حياته.

لكن طلب جونغ إن كان شيئا مغايرا، مختلفا و معاكسا تماما لما ظن، لأنه طلب من تشانيول أن يذهب ليعيد الفتى إلى حيث ينتمي  .. حيث منزله.

“إن كانت كلماتك تلك صادقة، إن كنت تحبه بالقدر الذي تقوله لي … عليك أن تخبره،” هذه كانت إجابته عندما أخرج الملف البني المألوف من أسفل ذراعه ليعيطيه للآخر “سماعك تنطق بهذه الكلمة تجاهه هو كل ما يتمناه منك، لأنك أنت الوحيد في قلبه، لطالما كنت أنت الوحيد في قلبه، يول” أكمل بصوته الأجش بكلمات كانت تضيف جرحا آخر إلى قلبه المحطم “أنت فقط

تشانيول أراد أن يجيب لكن الآخر هز رأسه نافيا و أكمل

“عليك ألذهاب … أخبره” أمسك به من أكتافه ليدفعه خارج مكتبه

“ل- لكن جونغ إن —“

“بدون لكن … هيا إذهب أيها الأخرق” هسهس من بين أسنانه دافعا الآخر بقوة أكبر عندما حاول أن يستدير بإتجاهه “فقط أسرع إليه.“

تشانيول اومأ بحماقة و اخذ خطاه خارج المكتب مسرعا أسفل سلم قصره العملاق بينما يصرخ بأعلى صوته مناديا الخادم ليجهز له السيارة.
و لم يحاول أن يعيد نظره تجاه صديقه الذي سمح لقلبه المحطم بالظهور أخيرا داخل المكتب الفارغ، باكيا على ما لا يمكنه الحصول عليه،

لم يفت الأوان بعد،

ما زال هناك الكثير من الوقت،

بيكهيون سيحصل على سعادته قريبا جدا.

*

*

*

*

*

*

“كيم جونغ إن، أين انت ؟” أجاب بيكهيون حالما رفع سماعة هاتفه إلى أذنه.
كاي أخبره بأنه ذاهب لشراء بعض البقالة في ظهيره هذا اليوم، لكن المساء قد حل بالفعل و هو لم يعد إلى الآن.

لكن الضحكة الخفيفة التي جائته من الأطول أبعدت القلق الذي تسلل إلى قلبه جراء تأخيره “أضن بأنني إشتريت الكثير من الحاجيات، هل لربما بإمكانك النزول لتساعدني في حملها ؟، ستجدني في موقف السيارات أسفل الشقة.“

“بالطبع، سأكون هناك بعد لحظات“

يال الغرابه، بيكهيون يتساءل كيف لكاي أن يواجه صعوبة في حمل الحاجيات في حين أنه يملك عشرات الخدم مستعدين لإلتقاط كل ما يحمله منتظرين أمام المدخل.

لكنه تجاهل تصرفه الغريب و قام بغسل يديه قبل أن يتخذ طريقه إلى مدخل الشقة الذي أغلق اوتوماتيكيا حالما وضع أقدامه على الممر الخارجي، أقدامه أخذته إلى المصعد الوحيد في الطابق عند نهاية الممر ليضغط على زر طابق الموقف الذي لم يستطع دخوله إلا أشخاص معدودين من الساكنين هنا.

حال وصول المصعد إلى ظالته خرج بخطى مسرعة متوقعا أن يرى كاي ينتظره بالقرب من سيارته بأيد محملة بمختلف الأغراض الثقيلة،

لكن بيكهيون لم ير سيارة البورش البيضاء التي توقع وجودها. فكر بأنه ربما كاي أوقف السيارة في الجهة الأخرى من الموقف لذا هو إستدار محاولا إكمال طريقه عبر السيارات الفاخرة التي لم يعد منظرها يبهره، لكن ما إن إتخذ خطوته الأولى حتى لفت إنتباهه وجود سيارة سوداء جعلت من قلبه يقفز داخل صدره.

إنها … إنها الميزيراتي ذاتها,

أقدامه أخذته تجاه السيارة المألوفة ليجعل من أصابعه تلامس السطح اللامع لها بحذر، شعور غريب من الخدر ملأ أصابعه، ليجعل من المشهد امامه يبدو كمشهد من أحد أحلامه، حيث يجلس بجوار تشانيول الذي يبدو مستمتعا بالأغاني التي يغنيانها معا،
لكنه بذل جهده لأن يمنع عقله من التجوال في أحلامه أكثر، و من التفكير بإحتمالية كونها سيارة تشانيول بالفعل، لأنه لم يعد يريد التفكير به بعد الآن.

إبتعد الأقصر عن السيارة السوداء ملتقطا هاتفه ليحاول الإتصال بكاي، لكنه شعر بكل شيء يتوقف عندما لمح الرقم المألوف المستقر على مقدمة السيارة، و الأمل بدأ يتخذ طريقه إلى داخل قلبه مجددا،

الأتصال تم قطعه حالما بدأ الرنين ليستقبل رسالة نصية بعدها

من الذي تبحث عنه، بيك ؟ بيكهيون قرأ الرسالة بحذر، مرسلة من الرقم المخزون دون إسم في هاتفه، إن كان أنا من تريد، ف إستدر الآن.

إستدار ببطئ ليرى تشانيول يقف بضع خطوات بعيدا عنه، شفتيه مرتفعتان في إبتسامة صغيرة، خائفة و متوترة ..  لكنها كانت إبتسامة دون شك.
و بيكهيون لم يستطع إنكار الكم القليل من السعادة الذي غمره، على فكرة أن هناك جزء من تشانيول خائف من فقدانه أيضا،

أ لا يمكنه ان يأمل إلى هذا الحد ؟؟

“إذا لم تهرب مني الآن، هل أستطيع إعتبار ذلك على أنك ما تزال ترحب بي ؟؟“

بيكهيون لم يستطع الإجابه و إكتفى بأن أخذ خطوة تجاه زوجه،
ثم رفع يده بهدوء ليجعلها تستقر على صدره، ليشعر بتجعيدات قميصه تحت أطراف أصابعه، حقيقية كما كانت السيارة تحتها قبل ثوان، تجعل من شعور الخدر يستقر هناك مجددا،
كل ما كان يحدث معه حقيقي.

“أنا خائف جدا، بيك، خائف من ان أعود إلى المنزل دون أن أجدك فيه، خائف من أن تختار جونغ إن بدلا عني في هذه اللحظة بسبب جميع الأشياء التي إرتكبتها، و لا أضن بأني سأتوقف عن الخوف أبدا بعد الآن لأنني كنت على وشك أن أخسرك بالفعل و من المستحيل أن أنسى هذا الشعور أبدا“

تشانيول بدا كالفتى ذو البدلة السوداء الذي رآه عندما كان في السادسة عشر من عمره.
جسده نمى ليصبح اكثر طولا بالفعل، لكن عينيه ما تزالان تحملان البريق ذاته, أذناه ما تزالان بارزتين بالطريقة المضحكة ذاتها و شفتيه ممتلئتان حتى مع إبتسامته المرتجفة،
تشانيول يبدو تماما كالرجل الذي تخيله بيكهيون في أحلامه، يبتسم إليه بنظرة حنينه

“لقد بحثت عنك في كل مكان” قال بهمس شديد و حرك ذراعيه ليلفها حول خصر الأكبر، تشانيول لم يحتظنه بهذه القوة من قبل، بل لم يتجرأ على إحتضانه أبدا “أنت هو الشخص الوحيد الذي أريده لي، بيك، لا أريد أحدا غيرك أبدا، لقد كنت كل ما أفكر به كلما أخبروني أن اتوقف عن البحث، بل كنت أفكر بك حتى عندما لم يتحدث معي أحد“

تشانيول كان اكثر قوة الآن أيضا، لأنه عندما شعر بالذراعين تحيطانه بقوه، بيكهيون لم يملك خيارا سوى أن يترك جسده يحاط بالدفىء المنبعث منها،
كم كان عدد المرات التي تمنى أن يحدث هذا معه ؟ أن يرى صورة الفتى الذي سرق قلبه في الرجل الذي قَبل به زوجا.

“أنا آسف، آسف جدا لأتخاذي وقتا طويلا لأكتشف مقدار غبائي، آسف لأنني جرحتك بسبب حماقتي و قلة فهمي، أنت هو حلمي بيك، كنت أنت كل ما أحلم به و أريده منذ وقت طويل جدا حتى قبل ان يتحول حلمي إلى أي شيء آخر“
بيكهيون شعر بإرتجاف أصابع الأطول التي كانت تحتظنه بحذر، بينما يخبره بكل تلك الأشياء التي أراد ان يسمعها منذ الأزل، لكنه توقف عن تمني سماعها منذ ان هرب من منزله، محاولا إقناع نفسه أنه كان مستعد لترك تشانيول أخيرا، و أن الأخير سيكون سعيدا إذا ما تركه،
لكن كل ذلك كان كذبة قد أقنع بها نفسه، و لم يؤلمه شيء اكثر من الإقرار بأنه لم يكن مستعدا لترك تشانيول بعد. بل ليس مستعدا حتى الآن.

“أنت كنت حلمي أيضا،” تمتم بهدوء بين أحظان زوجه،
و لكم كان ينتظر أن يمسكه تشانيول بهذه الطريقة،

بيكهيون لا يريد التوقف عن مناداة تشانيول بزوجه، بل ما يزال يريد أن يحتفل بذكرى سنوية أخرى معه، أن يأمل بأن تكون السنة القادمة أفضل من السابقة، أن تكون سعيدة لكلاهما؛

و ما تزال

“لا أريد هذا الطلاق، و لا أريد أن أبقى بعيدا عنك،” أعلن بهدوء أخيرا، بينما يقاوم الحرقة المألوفة في عينيه “أريدك أن تكون سعيدا، تشان .. لكني أريدك ان تكون سعيدا برفقتي“

“بيكهيون،” حتى و إن كانت مجرد كلمة صغيرة، حتى لو كانت هذه الكلمة هي حروف إسمه فقط .. سماعها بصوت تشانيول العميق أشعره و كأن السماء قررت ان تنفذ صلواته أخيرا، و كأنها ستحقق كل أمنياته

تشانيول إبتعد قليلا ليفصل العناق، و كأنه يحاول إعطاء الآخر فرصة اخيرة للهرب إذا ما غير رأيه الآن.
لكن بيكهيون بقي واقفا بين أحظانه بتردد، أراد أن يكمل حديثه، أراد أن يخبره بالمزيد عن أمنياته، عن رغبته الأنانيه بأنه يريد من تشانيول أن يكون سعيدا برفقته فقط، لكن أفكاره توقفت تماما عندما شعر بيد الآخر تحتظن وجنته لينحني بخفة و يطبع قبلة رقيقة على زاوية فمه.

“مالذي يجعلك تضن أنني سأكون سعيدا بدونك ؟“

هذه الكلمات البسيطة فقط جعلته عاجزا عن الكلام، المشاعر التي غمرته من هذا التصرف الجديد كانت غريبة جدا عليه، لكنها لم تكن غريبة بطريقة سيئة،

تشانيول إنحنى ثانية ليحاول أخذ شفتيه في قبلة أخرى و أجفان بيكهيون رفرفت بخفة ليغمض عينيه بحذر، لأن مجرد التفكير بذلك يجعل من ضربات قلبه تهتاج داخل صدره،
لكن بدل ان يشعر بشفتين تحتضن خاصته، شعر بأذرع قوية ترفعه عن الأرض ليلهث بفزع.

بيكهيون رمق الأطول  بنظرات متسائلة حين أجلسه على الغطاء الأمامي للسيارة، و حاول النزول لكن يدي تشانيول حاصرته من كلا الجهتين لتجعله يصعد فوق سطحها أكثر،

الطويل إبتسم على النظرات المتوترة للأقصر و إنحنى ليلتقط شفتيه بقبلة غير متوقعه، بيكهيون إحتاج بضعة لحظات قبل أن يبادله، لتستمر القبلة المنتظرة بينهما حتى كادت انفاسهما أن تنتهي،

و حتى بعد أن وجدا الحاجة للتوقف، تشانيول لم يستطع الإبتعاد عن الآخر مفضلا البقاء بهذا القرب الشديد حيث يشعر بأنفاس بيكهيون ترتطم بشفتيه بخفه، ريثما يجعل من يديه تتمسك به بقبضة حنينة خائفة من أن يفلت منها أعز ما يملك.

“مالذي يجعلك تظن أنني سأكون سعيدا بالتخلي عن كل هذا“
همس بصوت عميق اجش، جاعلا من مشاعر بيكهيون تنهار مع كل كلمة، صوت زوجه دائما ما كان نقطة ضعفه، و لكم كان خائفا من أن يفقد نفسه إذا ما بقي تشانيول يهمس بإسمه ما بين كل قبلة رقيقة يطبعها على شفتيه، أو كل عضة صغيرة يتركها على رقبته،
بيكهيون شعر بأسنان تشانيول تلامس البشرة الحساسة أسفل أذنه ليرتجف جسده دون إرادة منه و يطلق أنة رقيقة من بين شفتيه حين ترك الأطول علامته عليها، و كأنه يريد محو أية ذكرى تعود لوجود شخص آخر غيره ترك علامة هناك،

بيكهيون حرك يديه على صدر تشانيول نزولا ليجعل من أصابعه تلامس العضلات الخفيفة أسفل قميص زوجه، محاولا تجاهل الإبتسامة الراضية التي وجدت طريقها إلى شفتيه،
لم يكن يتوقع ان يصبح زوجه أكثر إثارة مما هو عليه بالفعل، خاصة عندما تعود به الذاكرة إلى الصبي الذي لطالما أوقعه غروره و حبه لذاته بالمشاكل،

لكن بيكهيون لم يعد يهتم لذلك،

لم يعد يهمه ما إن كان مغرورا بطريقة غبية طالما أن تشانيول أخبره بأنه يريده بالشدة التي يريده هو بها، طالما أخبره بأنه يريدهما أن يبقيا معا و بهذا القرب.

“توقف،” لكن يدا اوقفته عندما بدأت يده تتحرك أسفل معدة الأسمر أكثر فأكثر، يد تشانيول كانت تمسك بيده بقوة، رئتيه تلهث طلبا للهواء و عينيه تنظران في عيني الأقصر بعمق.

“ل لكن، أ لست … ؟؟“
تمتم بيكهيون بخجل من إكمال جملته ريثما يشعر بيد تشانيول الدافئة تحيط بيده، حرك يده الأخرى إلى أسفل معدته أكثر لكن يد تشانيول الأخرى أمسكت بها قبل ان تنزل أكثر.

“قلت لك توقف،” يدهكانت دافئة جدا حيث تمسك بمعصم الأقصر، تماما كما كان سائر جسده الذي كان يصرخ بحاجة “أنا حقا أريدك الآن و في هذه اللحظة بيك، الرب فقط يعلم مقدار حاجتي إليك الآن، لكنني لا أريد أن أفعل ذلك بك، بل لا أستطيع فعل ذلك بك لأنك تستحق الحصول على المزيد و أنا أستطيع إعطاءك المزيد.“

“تشانيول، لا داعي لكل ذلك، لا بأس حق —“

“لا تقل لا بأس ..” الأطول قاطعه بصوت يائس و غاضب، و بيكهيون يعلم تماما أن تشانيول غاضب من نفسه أكثر من أي شخص آخر الآن،
اغلق عينيه و اخذ نفسا عميقا قبل ان يميل ليريح رأسه على كتف الأقصر “أحبك، بيكهيون. و أنا نادم لأنني عاملتك بتلك الطريقة طوال السنين الماضية، آنا آسف جدا ﻷنك تستحق الأفضل و أنا مستعد لأن أقدم لك الأفضل، لذا أرجوك …. أرجوك، إياك و أن تضن أن إنتظار بضعة ساعات أخرى سيغير من مشاعري تجاهك. أنا لن أتركك أبدا … لن أتركك طالما سمحت لي الحياة بذلك“

إبتعد قليلا لينظر في عيني زوجه، لامعة و مستديرة كما كانت دائما، “ستكون دائما ملكي، بارك بيكهيون، لأنني أحبك، أحبك، أحبك” تمتم الأطول ريثما يحمل يدي الآخر بلطف إلى شفتيه، و يقبل كل ما إستطاعت شفتيه الوصول إليه هناك.

و كانت هذه هي اللحظة التي رآها بيكهيون، تلك الحلقة الفضية ملفوفة حول إصبع تشانيول.

إنه الخاتم،

“قد لا أكون الرجل الذي يستحقك، لكن إذا ما قبلت بي، ف أنا مستعد لأن اكون كل شيء بالنسبة لك“

إبتسم عندما شاهد الدموع تتكون في محجري الأقصر ليجعل من يده تمسح الدمعة عن إحدى عينيه، و ليقبل الأخرى بعيدا بشفتيه

“إذا، هلا قبلت بي ؟“

بيكهيون أراد أن يمنع نفسه من البكاء، لكنه لم يستطع فعل ذلك، لأنه كان يحلم بهذه الحظة من سنوات عدة، يحلم بأن يبادله الشخص الذي سرق قلبه بالمشاعر، و لم يعرف كيف سيجيب عن هذا السؤال بين دموعه، لذا هو رمى بذراعيه لتحتضن الآخر من عنقه، جاعلا من شفتيه تلامس خاصة الآخر بقبلة مشتاقة.

.

.

.

.

في تلك الليله، تشانيول إحتضن الأقصر بين ذراعيه، اغلق هاتفه و الطريق إلى غرفته من اجل أن يعطي بيكهيون كل ما يمكنه من نفسه،

“أحبك،” كانت ما همس به عندما لم يبقى أحد سواهم في هذا العالم، انفاسه ساخنة عندما لامست عنق الآخر، و قبضته كانت قوية حين أحاطت بخصره عندما دفع نفسه داخل الآخر ليحصل على كل ما بقي منه لنفسه، جاعلا من جسد الأقصر لوحة فنية لقبله .. حين انزل واحدة على جفنه تعويضا عن كل الدموع التي لم يستطع منعها من النزول، و اخرى على الأطراف الزهرية لآذانه هامسا بالكلمات التي لا يجب أن يسمعها احد غيره، و إثنتين أخيريين لكلتا يديه الناعمتين ليخبره بأنه سيحملهما بخاصته إلى الأبد.

تشانيول أشعره بأنه كان كل شيء بالنسبة له في تلك الليلة, عندما إحتضنه إلى صدره و دفن وجهه داخل خصل شعره هامسا بـ شكرا لأنك إخترتني

*

*

*

*

*

*

“تعال إليَّ إن رغبت بالحصول على زوج أكثر ذكاءا منه ؟؟! حقا ؟؟!! أ هذا ما يخبرك به بعد أن كنت كريما كفاية لأن أسمح له باللقاء بك ؟؟“

“والدك كان يمزح فقط، تشان.“

“من الأفضل أن يكون كذلك، لأنني لن اوافق على تسليمك لأحد آخر. إضافة إلى أن الجميع يعلم بأن إسمك يصبح أكثر جمالا عند إضافة ‘بارك’ إليه“

“ها أنت تعود للغرور مجددا“

“لكن هذه هي الحقيقة،“

“حسنا حسنا .. لنتوقف عن ذلك“
بيكهيون لوح يده بإستسلام و حاول دفن نفسه داخل مقعده عله يستطيع إخفاء الحمرة التي إكتست وجهه متجنبا النظر إلى الشخص الجالس بجانبه.
لقد حصل بالفعل على كل ما يريد بل اكثر، عشاء لطيف هادئ داخل قصر تشانيول العملاق كان سيكون هدية كافية له، لكن الآخير أصر على الإحتفال بالذكرى السنوية خاصتهم داخل مطعمه المفضل.

“لست نادما على الزواج بي الآن، صحيح ؟” سأل تشانيول مازحا حين أوقف سيارته في الموقف الخاص بالمطعم لكن إبتسامته سرعان ما تحولت إلى تعبيسة حين فهم ما قاله “‘بلى’ ليست من ضمن قائمة الإجابات“

“لا تكن سخيفا،” جائت إجابة بيكهيون السريعة بعد أن خرج من السيارة مغلقا الباب خلفه ليقف أمام زوجه

“من السخيف ؟ أنا ؟” تظاهر الآخر بالبلاهة قبل أن يبتعد بضع خطوات جاعلا من عينيه تتجول على هيئة الشخص أمامه،
بيكهيون يبدو رائعا بالبدلة البيضاء، لكن الأروع هي الإبتسامة اللطيفة المرسومة على شفتيه، صوت ضحكاته مبهج و جميل، لا عجب أن الحياة بدت خالية بدونها طوال تلك الفتره.

“إذآ، إذا ما طلبت منك الزواج مجددا، هل ستوافق هذه المرة أيضا ؟“

سؤاله سحب ضحكة خفيفة من الآخر الذي حرك يده لينقر على أنف الآخر بخفة “إذا أردت معرفة الإجابة، عليك أن تطلب يدي مجددا“

تشانيول إلتقط يد الآخر بيده و إبتسم، جاعلا من يده الاخرى تحتظن الصندوق الأسود المدفون في جيبه ريثما يقود بيكهيون إلى داخل المطعم.

.

.

.

.

.

.

… النهاية …

___________________________________________

________________________________________

أكيد الي قارين الونشوت مسبقا تعرفوا عليه,
هذه نسخة تشانبيك منه و هي النسخه الأصليه طبعا ~

طبعا تكلمت مع الكاتبه بشأن الإحتفاظ بنسخة الكايسو و للطفها, أكيد وافقت حتى بدون م تطلب أغير ل تشانبيك,

فـ إلي يحب يقرأ, الروابط تحت

 النسخة الإنكليزية

نسخة الكايسو ^^

لذا رجاءا, إلي يحب المشاكل, كله موثق و تحت علم الكاتبه و أخيرا أحب أقولة,

GET A LIFE 😛

أما المتبقين, شكرا لدعمكم و قرائتكم الصامته :*

ASK.FM

أنيوو

8 أفكار على ”BACK | ONESHOT

  1. أكثر من رائع وجميل أعجز عن الوصف روعة بكل معنى كلمة أبدعت شكرا جزيلا استمتعت بقرائة تستحق التعليق

    إعجاب

  2. ببكي جداً رائع الونشوت 😭
    بدايةً من تشانيول النذل الي كره حياة بيكهيون 😭 ولا كاي الللعين الي كان عارف دا كلو وماقال لتشانيول حسبت انو حيسحب ع تشانيول 😭 ولا لقائهم الحلو كيف اعترف له تشانيول ووعده انو بيعوضوا 😭 وبيكهيون المسكين الي انتظر دا اللحظه من زمان اه قلبي والله ماتحمل 😭 الونشوت من روعته بكيت 😭💜 دا احلى ونشوت لعين رائع قريته 💜💜
    الاشياءه الجميله الي زي الونشوت اعجز اعبر له عن مشاعري 😩 سعيده انك حطيتيهم للتشانبيك كوبلي المفضل بعد هونهان 🤘🏻 شو كمان يعطيك العافيه وننتظر جديدك 😭💜💜

    إعجاب

  3. جمال الونشوت 😭
    التشانبيك ولطافتهم مع اني تعاطفت مع كاي ومشاعره😢
    جد شكرا على جرعة السعادة هذي 💙💙

    *فيه بعض المرات ينكتب اسم جونغ بدل تشان وكمان قريت اسم كيونغسو كم مره بعدين استوعبت لما قريت فيه نسخه للكايسو ياليت لو تنتبهي لهالشي لانو يشتت

    Liked by 1 person

  4. اومقاد بصراحة كل ماقره ونشوت اندم بس هذا يجنن متكامل من كل النواحي
    طريقة السرد واااو وكمية المشاعر عند التشانبيك اوووف كيوووت
    محد قهرني غير كاااي يالله حبه لبيك من طرف واحد يأذي القلب
    هذا الونشوت يخليني اغير نظرتي عن الونشوتات
    طبعا رح اروح اقره نسخة كايسو عجبني عجبببنيي
    شكرااا ي حلوة

    إعجاب

  5. يجنن الون شوت على طوله لكنه خفيف على القلب يجنن 💕💕
    التشانبيك لطيفين في الاخير 😢💔
    كاي عور قلبي لكن اثبت انو صديق جيد 👌

    إعجاب

أضف تعليق